للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فتعريف القياس هو تسوية فرع بأصل في حكم بوصف جامع بينهما.

[شرح التعريف:]

[التسوية:]

بداية .. اعلم أن الظاهر من المراد بالمساواة هو ما كان صحيحا في نفس الأمر وفي الواقع، وإيضاحه أن المساواة إما أن تكون بحسب نظر القائس، وقد تكون بحسب الواقع وفي نفس الأمر، فيكون لها فردان أحدهما كامل، وهو ما كانت المساواة فيه في الواقع ونفس الأمر، وثانيهما غير كامل وهو ما كانت المساواة فيه بحسب نظر القائس، والمقرر أن اللفظ عند إطلاقه لا ينصرف إلا إلى فرده الكامل (١).

ثم اعلم أن العلماء اختلفوا في هذا الحد هل يدخل فيه القياس الفاسد أم أنه للصحيح فقط.

والاختلاف في هذه المسألة يدور على الترجيح في مسألة هل الحق واحد أم يتعدد.

وبناء على أن الراجح أن الحق واحد لا يتعدد فإن هذا التعريف لا يشمل القياس الفاسد. فإذا أردنا أن يدخل فيه القياس الفاسد أضفنا قيد: (عند المثبت) أو (في نظر المجتهد).

وأما بالنسبة لطريقة المصوبة التي ترى أن الحق يتعدد، وأن كل مجتهد مصيب، فإنما تضيف هذا القيد: (عند المثبت) أو (في نظر المجتهد) لتعرف القياس الصحيح؛ لأن الكل حق وصواب فكان كل القياس الصادر عن نظر المجتهد حق وصواب، القياس صحيح.

قال عيسى منون في نبراس العقول (ص/٢٦): (الأمر الثالث: ما ذكر في هذا المقام من أن هذا القيد لإدخال الفاسد إنما يظهر على مذهب المخطئة أي القائلين بأن المجتهد يخطئ ويصيب وأن القياس يكون صحيحا معتبرا من الأدلة الشرعية إذا وافق الواقع ويكون فاسدا غير معتبر من الأدلة إذا لم يوافق الواقع، وأما المصوبة الذين يقولون: إن كل مجتهد مصيب وأن مدار الأحكام الشرعية على ما أدى إليه نظر


(١) انظر: قياس الأصوليين بين المثبتين والنافين (ص/٣٥).

<<  <   >  >>