للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يكون حجة قطعاً. وخرج أيضاً ما إذا كان هناك أمارة سخط فإنه ليس بحجة بلا خلاف، كما أنه إذا كان معه أمارة رضى يكون إجماعاً (١). وخرج أيضاً به ما إذا لم تمض مدة للنظر؛ لاحتمال أن يكون الساكت في مهلة للنظر. ومن شرط محل الخلاف أيضاً أن لا يطول الزمان مع تكرر الواقعة (٢). وأن يكون قبل استقرار المذاهب، فأما بعد استقرارها فلا أثر للسكوت قطعاً، كإفتاء مقلد سكت عنه المخالفون للعلم بمذهبهم، ومذهبه، كحنبلي يفتي بنقض الوضوء بمس الذكر، فلا يدل سكوت من يخالفه - كالحنفية - على موافقته (٣)، والله أعلم.

تنبيه: ينبغي أن يدخل في المسألة ما إذا فعل بعض أهل الإجماع فعلاً ولم يصدر منهم قول، وسكت الباقون عليه، أن يكون هذا إجماعاً سكوتياً بناء على ما سبق من المرجح في أصل الإجماع أنه لا فرق بين القول والفعل) (٤).

فتحصل من كلام المرداوي بعض الشروط لاعتبار الإجماع السكوتي حجة ظنية وهي:

١ - أن يكون ذلك في المسائل التكليفية.

٢ - أن يكون في محل الاجتهاد.

٣ - أن يطلع باقي المجتهدين على ذلك.

٤ - أن لا يكون هناك أمارة سخط، وإن لم يصرحوا به.

٥ - أن لا يكون معه أمارة رضى وإلا كان إجماعاً.

٦ - أن تمضي مدة كافية للنظر والتأمل في حكم الحادثة عادة.


(١) قال الشيخ سيد أشرف في رسالته "الإجماع عند الأصوليين" (ص/١٠٢): (إذا اعتبرنا السكوت دليلا على الرضا قطعا كان إجماعا قطعيا، وإن اعتبرناه دليلا ظنيا على الرضا كان حجة أو إجماعا ظنيا، وغن لم نعتبره دليلا عليه أصلا لم يكن إجماعا ولا حجة).
(٢) إن تكرر السكوت مع طول الزمن، وكانت الفتوى فيما يعم به البلوى، فالإجماع هنا يكون حجة قطعية؛ لأن تكرر السكوت والحال هذا يحدث علما ضروريا بالرضا. وانظر رسالة الإجماع عند الأصوليين للشيخ سيد أشرف (ص/٨٣).
(٣) وهذا بخلاف ما إذا كانت حادثة جديدة وليس للمذاهب المستقرة فيها أقوال، فهنا سكوتهم يدخل في الإجماع السكوتي، وانظر الإجماع عند الأصوليين لسيد أشرف (ص/٨٢).
(٤) انظر: شرح الكوكب المنير (٢/ ٢٥٣).

<<  <   >  >>