٥ - أن تكون العلة موجودة في الفرع كوجودها في الأصل).
أجمل الشيخ هنا الكلام على شروط القياس، فدمج ما يتعلق منها بالأصل، وبالفرع، وبالحكم، وبالعلة، وذكر بعض ذلك ...
[الشرط الأول - ألا يكون فاسد الاعتبار:]
قال الشيخ في "الشرح"(ص/٥٢٠): (قلنا أن لا يصادم دليلاً أقوى منه، ولم نقل أن لا يصادم نصًا، لأن الدليل قد يكون بالنص وبالإجماع وبأقوال الصحابة - على القول بأنها من الأدلة- فلهذا نقول:"أن لا يصادم دليلاً أقوى منه ".
ووجه هذا الشرط: أن الأخذ بالأدنى وطَرْحَ الأقوى خلافُ الحكمةِ وخلافُ المعقول، بل وخلافُ المنقول أيضًا، لأنا نرى أن القياس المصادم لما هو أقوى منه قد أبطله الله- عزِ وجل- قال الله تعالى للملائكة:(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)(البقرة: ٣٠) قاسوا ما سيجعله الله على ما قد جعله الله فيما مضى، حيث كان في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء، فقال الله تعالى:(إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) لهذا يُشترط أن لا يصادم القياسُ دليلاً أقوى منه، فلا اعتبار بقياس يصادم النص، والمراد بالنص: الكتابُ والسُّنةُ أو الإِجماع- وسبق تعريفه- أو أقوال الصحابة إذا قلنا أن قول الصحابي حجة (١) ... وعلى كل حالٍ ففي الحال التي نقول فيها: إن قول الصحابي حجة لو أن أحدًا من الناس قاس قياسا يقتضي مخالفة قول الصحابي، فهذا القياس لا عبرة به وبهذا قال: ويُسمَّى القياس المصادم لما ذكر- من النص والإجماع وقول الصحابة- يسمى "فاسد الاعتبار "، وهذا من باب إضافة الصفة إلى موصوفها- يعنى كأنه اعتبار فاسد، والاعتبار: هو القياس.
إذًا فكلُّ قياس خالف دليلاَ أقوى منه فسمه "فاسد الاعتبار" ولا يؤخذ به ...
(١) وسبق بيان ترجيح الشيخ من أن قول أبو بكر وعمر، علماء الصحابة المشهورين بالفقه المعروفين بالإمامة حجة دون من سواهم.