قالوا: بل قد أطلق الله تعالى لفظ الإتباع على المقلدين، قال سبحانه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) [البقرة: ١٧٠].
وبعد أن بينا ذلك نقول: إن الإتباع أمر عام، والتقليد جزء من أجزائه هذا في اللغة. أما الاصطلاح فلا مشاحة في الاصطلاح).
[معنى الإتباع عند العلامة الشنقيطي:]
وقد فسر الشيخ الشنقيطي منزلة الإتباع بمعنى غير المعنى المتبادر من كلام الشيخ الشثري السابق، فقال في "أضواء البيان" (٧/ ٣٥١): (اعلم أن مما لا بد منه معرفة الفرق بين الإتباع والتقليد، وأن محل الإتباع لا يجوز التقليد فيه بحال.
وإيضاح ذلك: أن كل حكم ظهر دليله من كتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو إجماع المسلمين، لا يجوز فيه التقليد بحال ; لأن كل اجتهاد يخالف النص، فهو اجتهاد باطل، ولا تقليد إلا في محل الاجتهاد; لأن نصوص الكتاب والسنة، حاكمة على كل المجتهدين، فليس لأحد منهم مخالفتها كائنا من كان.
ولا يجوز التقليد فيما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا إذ لا أسوة في غير الحق، فليس فيما دلت عليه النصوص إلا الإتباع فقط.
ولا اجتهاد، ولا تقليد فيما دل عليه نص، من كتاب أو سنة - سالم من المعارض.
والفرق بين التقليد والاتباع أمر معروف عند أهل العلم، لا يكاد ينازع في صحة معناه أحد من أهل العلم.
وقد قدمنا كلام ابن خويز منداد الذي نقله عنه ابن عبد البر في جامعه، وهو قوله: التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما ثبت عليه حجة.
وقال في موضع آخر من كتابه: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح.
وكل من أوجب عليك الدليل إتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع. اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: وقد فرق الإمام أحمد رحمه الله بين