[التنبيه الثالث: التفريق بين الأثر المترتب على آداء الواجب، والمستحب:]
قال الشيخ العثيمين في "الشرح"(ص/٧١): (العبادات منها "واجب " ففعله يقال فيه: أبرأ الذمة، ومنها "مستحب " ففعله يقال فيه: سقط به الطلب، ولا يمنع أيضا أن نقول حتى في الواجب: إنه سقط به الطلب، فالإنسان إذا صلى الظهر برئت ذمته ولم يطالب بالصلاة مرة ثانية.
س: فإذا صلى راتبة الظهر، فهل نقول: برئت ذمته؟
ج: لا؛ لأنها غير مشغولة أصلاً، ولكن نقول: سقط الطلب عنه. بهذه الصلاة؛ لأنه أداها كما أمر).
وقد تعقب الشيخ عطاء قول الشيخ العثيمين:(الصحيح من العبادات: ما برئت به الذمة وسقط به الطلب) فقال ما محصله: (هذه العبارة فيها حشو، وهو قوله: (برئت به الذمة)؛ لأن قوله (سقط به الطلب) يغني عن قوله (برئت به الذمة)، ولا يغني قوله (برئت به الذمة) عن (سقط به الطلب)؛ لأنه إذا كانت العبادة فريضة فلن تكون صحيحة إلا إذا كانت مستوفاة لشروطها وأركانها وواجباتها، وانتفت موانعها فتبرأ بها ذمته ويسقط الطلب عنه، فإذا قلنا سقط الطلب فيكون هذا تعبيرا صحيحا؛ لأن العبادة لما صحت سقط بها الطلب، فسقوط الطلب يلزم منه أن تبرأ ذمته بها.
وأما النافلة فلم تشغل ذمته بها أصلا، ولكن إذا صحت النافلة سقط الطلب فلا يستحب له أن يعيدها.
فقوله: سقط الطلب يشمل الفريضة والنافلة، وأما قوله برئت به الذمة، فهذا يشمل الفرض دون النافلة.
فالأشبه أن يقال: إذا صحت العبادة سقط بها الطلب سواء كانت فريضة، أو نافلة (١)).
(١) قال المرداوي في "التحبير" (٣/ ١٠٩٧): (الإجزاء مختص بالعبادة مطلقا. يعني: سواء كانت العبادة واجبة، أو مستحبة، وهذا هو الصحيح، ونقله السبكي عن الفقهاء، وقال ابن العراقي: (هذا المشهور). فيقال: قراءة الفاتحة فقط تجزيء في النافلة، كما يقال ذلك في الواجب. ولا يقال لغير العبادة، فلا يقال في المعاملات تجزيء، بل موردها العبادة فقط، وقال القرافي والأصفهاني في شرحيهما ل ' المحصول '، و ' شرح التنقيح ' للقرافي وغيرهما: (يختص الإجزاء بالواجب من العبادة فقط، فلا يجري في كل مطلوب)، وانظر: شرح الكوكب (١/ ٤٦٨)، المدخل (ص/١٦٦).