ومنهم من قال إن (إِلَى) واضح لانتهاء الغاية، وذلك بيّن، فلا يكون فعله - صلى الله عليه وسلم - بيانا، ويكون غسله - صلى الله عليه وسلم - لمرفقيه مندوبا.
وقد قال بالوجوب عطاء ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. وقال بعض أصحاب مالك وداود لا يجب، وحكي ذلك عن زفر.
الفرع الثاني: المضمضة في الوضوء، هي واجبة عند أحمد وابن أبن ليلى، مسنونة عند الحنفية والمالكية والشافعية. فمن قال بوجوبها فوجهته عنده أن الله قال في شأن الوضوء (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)[المائدة: ٦] والفم يحتمل أنه داخل في مسمى (الوجه) ويحتمل أنه ليس بداخل لأنه غير مواجه. فكان ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من المضمضة بياناً فيدل على أن الفم من الوجه، فيجب غسله.
ومن قال بأنها مستحبة فهو يقول: الفم غير داخل قطعا في مسمى الوجه، وما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من المضمضة زيادة فعلية صرفة، فتكون مستحبة).
[التقرير:]
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة"(٢/ ٦٢ (: (السنة النبوية منحصرة في هذه الأقسام: القول، والفعل، والإقرار (١)، أي: تقرير من يسمعه يقول شيئا، أو يراه يفعله، على قوله أو فعله، بأن لا ينكره، أو يضم إلى عدم الإنكار تحسينا له، أو مدحا عليه، أو ضحكا منه على جهة السرور به، كتبسمه من قيافة مجزز المدلجي حين رأى زيدا وأسامة نائمين قد بدت أقدامهما من قطيفة ; فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. وكضحكه من الحبر الذي جاءه ; فقال: إن الله يوم القيامة يضع الأرض على أصبع والسماء على أصبع. الحديث فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - تصديقا لما قال الحبر).
(١) راجع ما سبق ذكره عند تعريف الخبر من أن الإقرار يدخل في الفعل.