للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العصر ومن يرى أن الإجماع لا ينعقد مع سبق خلاف مستقر من حي أو ميت جوز وقوعه يزيد لم يسبقه خلاف مجتهد مستقر).

وسوف يأتي - بإذن الله - الكلام على المسألتين وإنما الغرض التنبيه على ترجيح الشيخ ووجه إضافة هذا القيد.

[٣ - قيد عدالة المجتهدين:]

اختلف العلماء في اشتراط قيد العدالة للمجتهدين على أقوال خمسة (١).

قال القاضي أبو يعلى في "العدة" (٤/ ١١٣٩): (ولا يعتبر في صحة انعقاد الإجماع بأهل الضلال والفسق، وإنما الإجماع إجماع أهل الحق، الذين لم يثبت

فسقهم وضلالهم.

وقد قال أحمد - رحمه الله-، في رواية بكر بن محمد عن أبيه: "لا يشهد عندي رجلٌ، ليس هو عندي بعدل، وكيف أجوز حكمه؟! يعنى: الجَهْمي".

وبهذا قال الرازي والجرجاني. وذهب قوم من المتكلمين إلى أنه يعتد في الإجماع بمن يخالف الحق، كما يعتد بأهل الحق، سواء عظمت معصية المخالف للحق أو لم تعظم.

وهو اختيار أبي سفيان الحنفي.

وذكر الإسفراييني: إن ارتكب بدعة كفر بها لم يعتد بقوله، وإن فسق بها، أو أتى كبيرة يعتد به " (٢).


(١) وقد ذكرها، وذكر أدلة كل قول، وناقش بينها: الشيخ سيد أشرف، في رسالته "الإجماع عند الأصوليين" (ص/١٣٦) وما بعدها وأيضا الشيخ أحمد عزب في رسالته "الإجماع عند الأصوليين" (ص/١١٦) وما بعدها.
(٢) ثم أخذ يسوق الأدلة على اشتراط عدالة المجتهدين لينعقد بهم الإجماع، وقد تعقب استدلالاته تلميذه الكلوذاني في التمهيد (٣/ ٢٥٣) وما بعدها ورجح عدم اشتراط عدالتهم، ولم أشأ أن استطرد في ذكر هذه الأدلة لأنها غالبها أعم من محل النزاع، ولا يخلو الاستدلال بها على أحد القولين من نظر، حتى أن الشيخ أحمد عزب قال (ص/١٢٢): (أن العدالة تشترط للمجمعين؛ لأن الأدلة التي أثبتت حجية الإجماع وإن لم تتضمن نصا اشتراط العدالة لكن يفهم منها ذلك؛ لأن الفاسق غير العدل يحتمل أن يكون كاذبا فيما ادعاه، متبعا في ذلك هواه، فهو ليس أهلا لأن يؤخذ لمخالفته). والتعليل الذي ذكره يقوي وجه الترجيح الذي اخترته وسيأتي قريبا - بإذن الله -. وانظر أيضا: التحبير (٤/ ١٥٦٠)، وشرح الكوكب المنير (٢/ ٢٢٨)، ونزهة الخاطر العاطر (١/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>