وقال المجد في "المسودة"(ص/ ٢٩٧): (ولا يعتد بخلاف الفاسق وبه قال الجرجاني والرازي وأكثر الشافعية وقال أبو سفيان الحنفى وبعض المتكلمين يعتد به واختاره الجوينى وأبو الخطاب كالجوينى وكذلك الاسفرائينى وقال بعض الشافعية يسأل فان ذكر مستندا صالحا اعتد به وإلا فلا بخلاف العدل فانه يعتد بخلافه من غير أن يسأل).
وبيان الراجح عندي يتضح من خلال بيان هذين الأصلين:
الأول - سبق في شرحي للموقظة أن حققت أن مبنى العدالة يدور على ظن
الصدق دون غيره من الشروط كاجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو
بدعة.
الثاني - أن العدالة ليست شرطا في الاجتهاد، وإنما هي شرط في الفتيا، أو الحكم؛ وذلك لأن الفتيا، أو الحكم إنما هي خبر عن حكم الله الذي وصل إليه المجتهد باجتهاده، ويدخل في ذلك إخبارنا عن اجتهاده.
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة"(٣/ ٤٣): (ويجاب عما قاله القاضي: بأن العدالة تعتبر للرواية والشهادة، لا للنظر والاجتهاد، وهو المراد في باب الإجماع، وللقاضي أن يقول: هو مخبر عن نفسه بما أدى إليه نظره واجتهاده، وخبره غير مقبول لفسقه).
قال الشنقيطي في "المذكرة": (ص/٢٨٨): (والعدالة ليست شرطاً في أصل الاجتهاد، وإنما هي شرط في قبول فتوى المجتهد).
وقال السمعاني في " قواطع الأدلة"(٢/ ٣٠٦): (وليس يعتبر في صحة الاجتهاد أن يكون رجلا ولا أن يكون حرا ولا أن يكون عدلا وهو يصح من الرجل والمرأة والحر والعبد والفاسق وإنما تعتبر العدالة في الحكم والفتوى فلا يجوز استفتاء الفاسق وإن صح استفتاء المرأة والعبد ولا يصح الحكم إلا من رجل حر عدل فصارت شروط الفتيا أغلظ من شروط الاجتهاد بالعدالة لما تضمنه من القبول وشروط الحكم أغلظ من شروط الفتيا بالحرية والذكورية لما تضمنه من الإلزام).