للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ عياض السلمي في " أصوله" (ص/٤٥٤): (العدالةُ: وهي شرطٌ لقَبول الاجتهاد والاعتدادِ به، فمن ليس عدلاً مقبولَ الرواية لا يُقبلُ قولُه في الشرع، كما لا يُقبلُ خبرُ مَن ليس عدلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الفُتيا خبرٌ عن حكم الله تعالى).

وعليه فمن غلب على الظن صدقه فهو عدل يقبل اجتهاده وخبره عن اجتهاده، ومن غلب على الظن كذبه، وعدم صدقه فاجتهاده وإن كان صحيحا لتوفر شروط الاجتهاد فيه إلا أن خبره عن اجتهاده يكون غير مقبولا فلا يعتد به في الإجماع.

وعليه فلابد من إضافة قيد العدالة للمجتهدين، وهذا جار على أصول المذهب.

ومما سبق يكون تعريف الإجماع: (اتفاق العدول من مجتهدي هذه الأمة في عصر بعد النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي غير مسبوق بخلاف مستقر).

[تتمة - هل يعتد بخلاف الظاهرية في الإجماع؟]

قال الشيخ في شرح الأصول (ص/٤٨٩): (بعض العلماء يحصل منهم بعض الخطأ في بعض الطوائف حيث لا يعتبرون إجماعهم، فيرى بعض الفقهاء وأصحاب الرأي أن خلاف الظاهرية لا يعتبر، ويقول: إن الأمة تُجمع ويحكم بإجماعها ولو خالفها أهل الظاهر في هذا الحكم.

فمثلاً: عندهم ابن حزم، وداود الظاهري وغيرهما من أهل الظاهر لا يعتد بخلافهم إذا أجمع الفقهاء على قولٍ، وهؤلاء المخالفون لهم، فإجماع الفقهاء حجة ملزمة، ولكن هذا القولُ ضعيفٌ؟ والصواب أن قول الظاهرية يخرم الإجماع إن كان مخالفًا له؛ لأن الظاهرية لا شك أن مذهبهم صحيح، وإن كان عندهم خطأ كثير لكن خطؤهم لا يوجب رد قولهم مطلقًا، فلهم أقوال صحيحة موافقة لظاهر النصوص والصواب فيها معهم. فالصواب أن قول أهل الظاهر معتبر، وأنه إذا خالف قولَ غيرهم لم يكن ثم إجماع).

وهذا القول الذي اختاره الشيخ هو أحد الأقوال الثلاثة المشهورة في المسألة وهو الأرجح وهو رأي كثير من الحنابلة واختاره غير واحد من المحققين كابن القيم، وذهب الطوفي في "التعيين في شرح الأربعين" (ص/٢٤٤) أن خلافهم غير معتبر مطلقا.

<<  <   >  >>