للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفيق" (١).

وأيضا ينبغي التنبيه إلى أن الكافر مكلف بالشريعة - أصولا وفروعا - بمعنى أنهم يعاقبون عليها ولا تصح منهم لعدم تحقق شروط صحة الفعل منهم، قال تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧)).

وسوف يأتي بإذن الله زيادة بيان لذلك عند الكلام على الحكم الوضعي.

[التنبيه الخامس:]

قوله: (المكلفين) غير جامع من ناحية أنه لا يدخل فيه بعض الأفعال الخاصة بمكلف واحد كشهادة خزيمة وخصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك.

قال ابن النجار في شرح الكوكب المنير (١/ ٣٣٧): (وقلنا: "المكلف" بالإفراد ليشمل ما يتعلق بفعل الواحد، كخصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وكالحكم بشهادة خزيمة، وإجزاء العناق في الأضحية لأبي بردة ... ).

[التنبيه السادس - المعدوم ليس بشيء:]

من المقرر عند أهل السنة والجماعة أن المعدوم ليس بشيء خلافا للمعتزلة، فلو احترزنا عن خطاب المعدوم لقلنا: المتعلق بما يصح أن يكون فعلا للمكلف (٢)، ويجاب عن هذا بجوابين، وهما: أن المعدوم لما تعلقت الإرادة بإيجاده، صار تحقق وقوعه كوقوعه بالفعل، والثاني أنه يصح خطاب المعدومين من هذه الأمة تبعاً للموجودين منها.

قال الشنقيطي في "أضواء البيان" (٣/ ٣٧٠) " (وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: (وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) [مريم: ٩]، دليل على أن المعدوم ليس بشيء، ونظيره قوله


(١) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد وغيرهم من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وصححه الألباني.
(٢) انظر البحر المحيط للزركشي (١/ ٩١).

<<  <   >  >>