للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد:

قبل الكلام على هذه المسألة أرى أنه لابد من التوطئة لها بذكر بعض المسائل المتعلقة بها وهي:

١ - أنواع المجتهدين:

قال ابن الصلاح في "أدب المفتي" (ص/٨٦): (ينقسم المفتي إلى قسمين مستقل وغير مستقل:

القسم الأول المفتي المستقل وشرطه أن يكون مع ما ذكرناه قيما بمعرفة أدلة الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ... فمن جمع هذه الفضائل فهو المفتي المطلق المستقل الذي يتأدى به فرض الكفاية ولن يكون إلا مجتهدا مستقلا.

والمجتهد المستقل هو الذي يستقل بإدراك الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية من غير تقليد وتقيد بمذهب أحد.

القسم الثاني المفتي الذي ليس بمستقل ومنذ دهر طويل طوي بساط المفتي المستقل المطلق والمجتهد المستقل وأفضى أمر الفتوى إلى الفقهاء المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة وللمفتي المنتسب أحوال أربع:

الأولى (١) أن لا يكون مقلدا لإمامه لا في المذهب ولا في دليله لكونه قد جمع الأوصاف والعلوم المشترطة في المستقل وإنما ينتسب إليه لكونه سلك طريقه في الاجتهاد ودعا إلى سبيله ...


(١) وقد أطلق السيوطي على مجتهدي القسم بالأول: المجتهد المستقل، وأطلق على أهل هذه الحالة من الغير مستقلين: المجتهد المطلق فقال في "الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض" (ص/١١٢): (وأما المجتهد المطلق غير المستقل، فهو الذي وجدت فيه شروط الاجتهاد التي اتصف بها المجتهد المستقل، ثم لم يبتكر لنفسه قواعد، بل سلك طريقة إمام من أئمة المذاهب في الاجتهاد، فهذا مطلق منتسب لا مستقل ولا مقيد) ثم قال (ص/١١٥) بعد أن نقل عن النووي في مقدمة المجموع كلام ابن الصلاح السابق: (فانظر رحمك الله كيف قسما المجتهد الذي ليس بمستقل إلى أربعة أقسام: الأول المطلق وهو: الذي لم يقلد إمامه ولكن سلك طريقه في الاجتهاد.
والثاني المقيد وهو: الذي يسمى مجتهد التخريج.
والثالث مجتهد الترجيح.
والرابع مجتهد الفتيا).
والمشهور عند الحنابلة إطلاق اسم المجتهد المطلق أو المستقل على القسم الأول، وأما القسم الثاني بكل حالاته فيطلقون عليهم: المجتهد المقيد غير المطلق، أو المستقل، ولا مشاحة في الاصطلاح.

<<  <   >  >>