رابعًا - أنه أراد بذلك الإنكار على فقهاء المعتزلة الذين يدعون إجماع الناس على ما يقولون، وهم أقل الناس معرفة بأقوال الصحابة والتابعين.
وهكذا عد عرض هذه التأويلات يتبين لنا ما يحمل عليه قول الإمام أحمد - رحمه الله - في قوله السابق).
شروط الإجماع (١):
الشرط الأول - قال الشيخ - رحمه الله -: (أن يثبت بطريق صحيح بأن يكون إما مشهوراً بين العلماء، أو ناقله ثقة واسع الإطلاع).
وقال في "شرح الأصول"(ص/٥٠١): (أي: بأن يكون الإجماع مشهورًا بين العلماء فكل من تكلم عن مسالةٍ قال: المسألة فيها إجماع، فيكون الإجماع مشهورًا. وهذا أحد الطريقين. والطريق الثاني: أن يكون ناقل الإجماع ثقة واسع الاطلاع.
"ثقة": أي أمينًا، فلا ينقل الإجماع إلا وهناك إجماع.
"واسع الاطلاع" فإن لم يكن واسع الاطلاع - وإن كان ثقة - لا يقبل، مثل أن نعلم أن هذا الرجل رجل مقلد لا يعدو كتب أصحاب المذهب فكيف ينقل الإجماع! فإن هذا لا يصح منه دعوى الإجماع؛ لأنه ليس واسع الاطلاع، لكن إذا علمنا من تأليفه أنه واسع الاطلاع وينقل أقوال أهل العلم من كل مذهب ومن كل طبقةٍ، فإنه إذا نقل الإجماع وهو ثقة، فقد ثبت الإجماع، وهذا في الإجماع غير القطعي أما القطعي فقد سبق أنه لا يحتاج إلى ثقة ناقل لأنه متفق عليه).
وذكر الشيخ أن هذه الشروط إنما هي لاعتبار حجية الإجماع الظني، لا القطعي.
وسبق أن تكلمنا على أنه يصح ثبوت الإجماع بخبر الواحد، وأولى منه المشهور فلا إشكال - عندنا -.
بقي أن ننظر في الشرطين اللذين وضعهما الشيخ لقبول الإجماع المنقول بخبر الآحاد.
الشرط الأول - أن يكون ثقة، وفسره في "الشرح" بقوله: ("ثقة": أي أمينًا، فلا ينقل الإجماع إلا وهناك إجماع).
(١) هذه الشروط غير الشروط والقيود المذكورة في التعريف.