أما ما أشعر بمادته لا بهيئته فإن هذا ليس فعلاً، مثل الصباح، فقول القائل: ما زرتك صباحًا، فهذا يدل على الزمن صباحًا، لكن بمادته، ونقول: زرتك ليلاً، فهذا يدل على الزمن لكن بمادته، ولهذا نقول:"أشعر بهيئته "، ليخرج ما دل على الزمان بمادته كالصباح والمساء، والليل والنهار، وما أشبه ذلك فهذا ليس بفعل.
فإذا قلتَ: أصبح زيد وأمسى زيد، فهو فعل؛ لأن كلمة "أصبح" تدل على الزمن بهيئتها.
وقوله:(بأحد الأزمنة الثلاثة): فالفعل ثلاثة أقسام.
وقوله: (إما ماضٍ كـ "فهم" أو المضارع كـ "يفهم" أو أمر كـ "افهم".
قال الشيخ في "الشرح"(ص/١٠٦): (وقوله: (والفعل بأقسامه يفيد الإطلاق فلا عموم له): الفعل بكل أقسامه يفيد الإطلاق فليس له عموم إلا بقرينة ولهذا إذا قلت: صام زيد يوم الاثنين، فلا يدل هذا على أنه يصوم كل اثنين!! إنما يدل على أنه صام يوم الاثنين فقط ولو مرة واحدة، لكن إن وجد قرينة فتعم، كما لو قيل: كان يصوم يوم الاثنين، فكلمة:"كان" تفيد الاستمرار غالبًا، ونقول: فإن العموم منها بلفظ "كان " ... ).
تضمن كلام الشيخ هنا مبحثا هاما، وهو هل الفعل يفيد الإطلاق مطلقا؟ والصواب أن الفعل المثبت (١) يفيد الإطلاق إلا في حالتين، وفي الحالة الثالثة خلاف، وهي:
١ - أن يكون في معرض الامتنان كقوله تعالى:(وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)[الفرقان: ٤٨] فيعم كل الماء الذي ينزل من السماء كالثلج والبرد والمطر.
٢ - أن تكون في سياق الشرط فيعم. وسوف يأتي بإذن الله بيانهما في باب العام.
(١) وسوف يأتي بإذن الله - الكلام بالتفصيل عن هذه المسألة في باب المطلق، وعن الفعل المنفي وما في معناه في باب العام.