هذا ليس بحسب النص، ولكن باعتبار ما عندك؛ فأنت إذا وقع التعارض عندك في نصوص الكتاب والسنة؛ فإما لقلة العلم، وإما لقصور الفهم، وإما للتقصير في البحث والتدبر، ولو بحثت وتدبرت؛ لوجدت أن التعارض الذي توهمته لا أصل له، وإما لسوء القصد والنية؛ بحيث تستعرض ما ظاهره التعارض لطلب التعارض، فتحرم التوفيق؛ كأهل الزيغ الذين يتبعون المتشابه.
ويتفرع على هذا الجواب المجمل أنه يجب عليك عند الاشتباه أن ترد المشتبه إلى المحكم؛ لأن هذه الطريق طريق الراسخين في العلم، قال الله تعالى:(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)[آل عمران: ٧]، ويحملون المتشابه على المحكم حتى يبقى النص كله محكمًا).
[تنبيهات:]
الأول - المقصود بما كان قطعيا من الأدلة، هو ما كان قطعيا في دلالته وثبوته، وما كان ظنيا أي في دلالته أو في ثبوته.
قال الشيخ الشنقيطي في "نثر الورود"(٢/ ٥٨٢) شارحا قول العلوي الشنقيطي:
ولا يجئ تعارضٌ إلا لما ... من الدليلين إلى الظن انتمى
: (يعنى أنه لا يجوز عقلا تعارض دليلين إلا إذا كانا ظنيين، أما إذا كانا قطعيين فلا يمكن عقلا تعارضهما سواء كانا نقليين أو عقليين أو أحدهما نقليا والثاني عقليا، وكذلك لا يتعارض قطعيٌّ وظنيٌّ لوجوب إلغاء الظني في مقابلة القطعي، والظن يتطرق الدليل من جهتين: من جهة السند ولو كانت الدلالة قطعية، ومن جهة الدلالة وإن كان السند قطعيا، فيعرف من ذلك أن القطعي المذكور لابد أن يكون قطعي المتن والدلالة).
وقال الشيخ العثيمين في "مجموع الفتاوى والرسائل"(٤/ ٤٩): وهو يتكلم عن أنواع التعارض بين الأدلة: (الثاني: أن يكونا ظنيين إما من حيث الدلالة، وإما من حيث الثبوت فيطلب الترجيح بينهما ثم يقدم الراجح).