للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوبًا بل على إثباته تَفَضُّلًا وإحسانًا.

ولما ذكر لبعضهم أن الأمة أجمعت على تعليل أفعال الله سبحانه وأحكامه - وللإجماع هيبته- لم يعجزه ذكاؤه أن يوجه الإجماع على مجمل التعليل في جملة الأحكام، وأما آحاد المسائل فلا.

ثم إن هؤلاء لما أثبتوا التعليل في أحكام الله سبحانه، أثبتوه على وجه التفضل منه سبحانه واللطف لا على وجه الوجوب كما يقوله المعتزلة ...

ثم قال: القول الثالث: هو مذهب جمهور المسلمين، وقول جميع الصحابة وأئمة التابعين، وهو أنهم يثبتون الحكمة والتعليل في خلقه سبحانه وأمره، ولكن لا يثبتونه على قاعدة القدرية المعتزلة، الذين ينكرون قدرة الله تعالى وعموم مشيئته وقدرته، ولا ينفونه نفي الجهمية والأشاعرة الذين لم يثبتوا إلا إرادة بلا حكمة، وأثبتوا مشيئة الله سبحانه بلا رحمة ولا محبة ولا رضا.

فأهل السنة التابعون للصحابة يقرون بالقدر وبالشرع وبالحكمة والتعليل في خلق الله وأمره، ويقرون بما جعله سبحانه من الأسباب والمصالح التي جعلها رحمة للعباد. فكل ما خلقه الله سبحانه فله فيه حكمة، كما قال سبحانه وتعالى (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) [النمل: ٨٨]).

وبعد فالتعريف الذي ذكره الشيخ عياض جيد وعليه فيكون تعريف العلة: (وصف ظاهر منضبط دل الدليل على كونه مناطا للحكم).

[حجية القياس:]

قال الشيخ: (وقد دل على اعتباره دليلاً شرعيّاً: الكتاب والسنة وأقوال الصحابة).

قال ابن النجار في "شرح الكوكب" (٤/ ٢١٥): ("وهو" أي القياس "حجة" عند الأكثر من أصحابنا وغيرهم. وقد احتج القاضي وغيره على العمل بالقياس بقول أحمد رحمه الله: لا يستغني أحد عن القياس، وقوله في رواية الميموني: سألت الشافعي عنه، فقال: ضرورة، وأعجبه ذلك.

وذكر ابن حامد عن بعض أصحابنا: أنه ليس بحجة، لقول أحمد في رواية الميموني: يجتنب المتكلم هذين الأصلين: المجمل، والقياس.

وحمله القاضي وابن عقيل على قياس عارضه سنة.

<<  <   >  >>