للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثاله: اتصل السند إلى الصحابي فقال: عن أبي هريرة رواية: من فعل كذا وكذا، أو من قال كذا وكذا، فإن هذا من المرفوع حكماً، لأن قول الصحابي رواية، لم يصرح أنها رواية عن النبي صلى الله عليه وسلّم، لكن لما كان الغالب أن الصحابة يتلقون عن الرسول صلى الله عليه وسلّم، جعله العلماء من المرفوع حكماً.

كذلك من المرفوع حكماً: إذا قال التابعي عن الصحابي: رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، مثل ما يقوله بعض التابعين: عن أبي هريرة يرفعه، أو عن أبي هريرة رفعه، أو عن أبي هريرة يبلغ به، كل هذا من المرفوع حكماً وذلك لأنه لم يصرح فيه بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلّم).

وزاد الشيخ في "الأصل" (ص/٦١): (ومنه قول الصحابي: أمِرنا أو نهينا، أو نحوهما؛ كقول ابن عباس رضي الله عنهما: أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض. وقول أم عطية: نهينا عن إتباع الجنائز، ولم يعزم علينا).

وقال ابن حجر في النزهة (ص/٥١): (ويلتحق بقولي: ((حكما))؛ ما ورد بصيغة الكناية في موضع الصيغ الصريحة بالنسبة إليه صلى الله عليه وآله وسلم؛ كقول التابعي عن الصحابي: يرفع الحديث، أو: يرويه، أو: ينميه، أو: رواية، أو: يبلغ به، أو: رواه.

وقد يقتصرون على القول مع حذف القائل، ويريدون به النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ كقول ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: (تقاتلون قوما) الحديث. وفي كلام الخطيب أنه اصطلاح خاص بأهل البصرة ...

ثم قال: (ومن ذلك: أن يحكم الصحابي على فعل من الأفعال بأنه طاعة لله ((تعالى)) أو لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أو معصية؛ كقول عمار: ((من صام اليوم الذي يشك فيه؛ فقد عصى أبا القاسم ((صلى الله عليه وسلم)) فلهذا حكم الرفع أيضا؛ لأن الظاهر أن ذلك مما تلقاه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم).

[تتمة: إذا خالف قول الصحابي القياس فهل يكون لقوله حكم الرفع؟]

وأما إن عارض القياس فالمسألة خلافية والظاهر عند أحمد حمل قولي الصحابي على التوقيف وتقديمه على القياس، وخالف أبو الخطاب وابن عقيل، وسيأتي مناقشة هذه المسألة - بإذن الله - في باب القياس.

<<  <   >  >>