ينفع السائل من الجواب، فإنه يلزمه أن يجيبه، وقد سئل الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم؟ فقال للسائل: أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا؟ وسئل عن مسألة في اللعان؟ فقال: سل - رحمك الله - عما ابتليت به، وسأله مهنا عن مسألة؟ فغضب وقال: خذ - ويحك - فيما تنتفع به، وإياك وهذه المسائل المحدثة، وخذ ما فيه حديث. وسئل عن مسألة؟ فقال: ليت إنا نحسن ما جاء فيه الأثر.
ولأحمد عن ابن عمر " لا تسألوا عما لم يكن، فإن عمر نهى عن ذلك " وله أيضا عن ابن عباس، أنه قال عن الصحابة: ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم، واحتج الشافعي على كراهة السؤال عن الشيء قبل وقوعه بقوله تعالى:(لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[المائدة: ١٠١] ... ).
[الثالث - ألا يكون للسائل مقصد سيئ من السؤال:]
قال الشيخ:(ألا يعلم من حال السائل أن قصده التعنت أو تتبع الرخص أو ضرب آراء العلماء بعضها ببعض أو غير ذلك من المقاصد السيئة).
قال في "الشرح"(ص/٦١٣): (فإن علم أن قصده التعنت- يعني: الإشقاق على المسئول وإظهار عجزه- فإنه لا يجب عليه أن يجيب، فلو علمتَ أن هذا السائل لم يأت ليسأل إرادة للعلم، إنما أراد أن يسأل لإِظهار عجزك أمام الناس، فلك أن تقول:"لا أدري " أو: "لا أجيبك ".
وكذلك إذا علمت أنه لما أخبرته بالحكم قال:"أين الدليل؟ " فأتيت بالدليل، فجعل يجادل: هذا الدليل يحتمل كذا وكذا، ويأتي له بألف احتمال، فهذا يُعرف منه أنه أراد التعنت، فلك أن تقول:"لا، ما عندي غير هذا"، ولا حرج عليك في هذا.
ولهذا خيَّر اللهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الحكم وعدمه إذا سأله أهل الكتاب قال:(فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ)[المائدة: ٤٢]، لأنهم لن يأتوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعرفة الحق، بل يريدون إعناته، وأحيانًا