أولا: العزم والتصميم على الشيء، يقال: أجمع فلان على كذا إذا عزم وصمم عليه، وأجمع الأمر إذا عزم عليه، والأمر مُجْمَع وأجمعتُ المسير والأمر، وأجمعت عليه إذا عزمت عليه، يتعدى بنفسه وبالحرف. ومن ذلك قوله تعالى:(فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ)[يونس: ٧١] أي: اعزموا أمركم وادعوا شركائكم.
ومنه أيضا قوله تعالى:(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ)[يوسف: ١٥] أي: عزموا أن يجعلوه.
ومنه حديث:(من لم يجمع الصوم من الليل فلا صيام له) أي من لم يعزم على الصيام فينويه.
ثانيا: الاتفاق، يقال أجمعت الجماعة على كذا إذا اتفقوا عليه.
ومن خلال هذين المعنيين يظهر الفرق بينهما من وجهين:
الأول: أن الإجماع بمعنى العزم يتصور من واحد، وكذلك يتصور أيضا من أكثر من واحد، وهذا بخلاف الإجماع بمعنى الاتفاق، فلا يتصور إلا من اثنين فأكثر.
الثاني: أن الإجماع بمعنى العزم يتعدى بنفسه وبالحرف، وأما الإجماع بمعنى الاتفاق فلا يتعدى بنفسه (١).
وإذا رجعنا إلى آراء علماء الأصول في معنى الإجماع لغة، فنجد أن عبارات معظم الأصوليين تدور حول معنى إطلاق الإجماع في اللغة على العزم والاتفاق من غير تفصيل في ذلك، من هؤلاء: أبو إسحاق الشيرازي، والجويني، والآمدي، وابن الحاجب، والطوفي، والسبكي، والإسنوي، والتفتازاني، والزركشي، وابن الهمام، وابن النجار.
وأما بعضهم فقد فصل في معنى الإجماع.
(١) انظر رسالة "الإجماع عند الأصوليين" للشيخ أحمد عزب (ص/٢٩).