الجلي بين محل النزاع وأصله وهما الصفر والحديد مستند إلى قياس ضعيف شبهي، وهو قياس الحديد على الفضة، فلنسترح من هذا التكليف، ولنجزم ببطلان كون الأصل ثابتا بالقياس).
[الشرط الثالث - أن يكون لحكم الأصل علة معلومة:]
قال في "الشرح"(ص/٥٢٩): (إن القياسَ إلحاقُ فرع بأصل في حكم لعلة جامعة بينهما، فلا بد أن تكون علة الأصل- وهو المقيس عليه- معلومة من أجل أن نجمع بينه وبين الفرع فيها، إذ لو لم تتحقق العلة في الفرع لم يصح القياس، فإن كان حكم الأصل تعبديًا محضًا لم يصح القياس عليه).
قال ابن قدامة في الروضة:(ص/٣١٧): (أن يكون الحكم - أي حكم الأصل - معقول المعنى إذ القياس إنما هو تعدية الحكم من محل إلى محل بواسطة تعدي المقتضى وما لا يعقل معناه كأوقات الصلوات وعدد الركعات لا يوقف فيه على المعنى المقتضى ولا يعلم تعديه فلا يمكن تعدية الحكم فيه).
وعبارة المرداوي في "التحبير" أشمل فقال (٧/ ٣١٤٦): (من شرط حكم الأصل المقيس عليه أن لا يكون معدولاً به عن سنن القياس، أي عن طريقه المعتبر فيه لتعذر التعدية حينئذ وذلك على ضربين: أحدهما: لكونه لم يعقل معناه، إما لكونه استثني من قاعدة عامة كالعمل بشهادة خزيمة وحده فيما لا يقبل شهادة الواحد فيه، أو لم يستثن كتقدير نصب الزكوات، وأعداد الركعات، ومقادير الحدود والكفارات. والضرب الثاني: ما عقل معناه ولكن لا نظير له ... ).
[الأصل في أحكام الله التعليل:]
قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة"(٣/ ٤١١): (الأصل في الأحكام التعليل، فمهما أمكن جعل الحكم معللا، لا يجعل تعبدا).
قال الشيخ في "الشرح"(ص/٥٢٦): (كل أحكام الله لها علل، لكن عقولنا تقصر أحيانًا عن إدراك هذه العلة وإذا قصرت عقولنا عن إدراك هذه العلة، نسمي الحكم تعبديًا- يعني: ليس لنا فيه إلا التعبد فقط، وأحيانا يلجأ الإنسان إلى القول بالتعبد سدًا للباب، وهذا حسن؛ - يعني اللجوء إلي القول بالتعبد في المسائل التي تخفي حكمتها