للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعم فهناك فرق بين قولي: أعطيت الرجل أفلسا، وبين: أعطيت الرجل الأفلس، فالأولى صيغة إطلاق وهي تبين أنني أعطيت الرجل إما اثنين، أو ثلاثة - على الخلاف في أقل الجمع - أو أربعة أو خمسة إلى عشرة. بخلاف الثانية فهي عامة في غير المحصور.

[الخامسة:]

قال الزركشي في "معنى لا إله إلا الله" (ص/ ٩٠): (استغراق المفرد أكثر تناولا لأفراد المسمى من استغراق الجمع بدليل صحة لا رجال في الدار إذا كان فيها رجل أو رجلان دون لا رجل فإنه لا يصدق إذا كان فيها رجل أو رجلان ... إذا عرفت هذا فلا يخفى عليك لطف نفي المفرد في كلمة الشهادة).

ومحل هذا في النفي (١) وأما في الإثبات فلا.

فقال البستي كما نقله عنه ابن قدامة في "الروضة" (١/ ٢٢٢): (الكامل في العموم هو الجمع لوجود صورته ومعناه وما عداه قاصر في العموم لأنه بصيغته إنما يتناول واحدا لكنه ينتظم جمعا من المسميات معنى فالعموم قائم بمعناها لا بصيغتها)

وقال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (٢/ ٤٧٤): (وحاصل كلامه أن لفظ الجمع؛ كالمسلمين والمشركين، أكمل في باب العموم من غيره من ألفاظ العموم كالمفرد المعرف باللام، نحو: الزاني، والسارق، والفرق بينهما أن العموم قام بصيغة الجمع ومعناه.

وتحقيق ذلك أن لفظه يفيد التعدد كما أن معناه متعدد، بخلاف اللفظ المفرد، فإن التعدد إنما هو في مدلوله لا في لفظه؛ فإنا إذا قلنا: الرجال، دل هذا اللفظ بوضعه على جماعة متعددة من ذكور بني آدم، بخلاف الرجل والسارق؛ فإنه إنما يدل بوضعه على واحد وهو ذات اتصفت بالسرقة، وعموم مدلوله إنما استفدناه من دليل منفصل، وهو كون هذا اللفظ أريد به الجنس أو غير ذلك.

فعلى هذا: الجمع الذي له واحد من لفظه، كالمؤمنين، والذي لا واحد له من لفظه، كالناس، والجمع المضاف، كعبيد زيد، وكل وجميع أكمل عمومًا من أدوات الشرط،


(١) - انظر التقرير والتحبير (١/ ٢٤٩)، وتيسير التحرير (١/ ٢١٠).

<<  <   >  >>