قال الشيخ:(أن يعرف الناسخ والمنسوخ ومواقع الإجماع).
وعبارة الشيخ تضمنت شرطين وهما: معرفة الناسخ والمنسوخ، ومواقع الإجماع.
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة"(٣/ ٥٨٠): (قوله: «والناسخ والمنسوخ منهما»، أي: من الكتاب والسنة، لأن المنسوخ بطل حكمه، وصار العمل على الناسخ، فإن لم يعرف الناسخ من المنسوخ، أفضى إلى إثبات المنفي، ونفي المثبت، وقد اشتدت وصية السلف واهتمامهم بمعرفة الناسخ والمنسوخ، حتى روي عن علي - رضي الله عنه - أنه رأى قاصا يقص في مسجد الكوفة وهو يخلط الأمر بالنهي والإباحة بالحظر، فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، ثم قال له: أبو من أنت؟ قال: أبو يحيى، قال: أنت أبو اعرفوني، ثم أخذ أذنه ففتلها، وقال: لا تقص في مسجدنا بعد.
«ويكفيه» من معرفة الناسخ والمنسوخ أن يعرف «أن دليل هذا الحكم غير منسوخ»، يعني ولا يشترط أن يعرف جميع الأحاديث المنسوخة من الناسخة، والإحاطة بمعرفة ذلك أيسر من غيره، لقلة المنسوخ بالنسبة إلى المحكم من الكتاب والسنة. وقد صنف في ناسخ القرآن ومنسوخه أبو جعفر النحاس، والقاضي أبو بكر بن العربي، ومكي صاحب «الإعراب»، ومن المتقدمين هبة الله بن سلامة، ومن المتأخرين ابن الزاغوني، وابن الجوزي وغيرهم، وفي ناسخ الحديث ومنسوخه الشافعي، وابن قتيبة، وابن شاهين، وابن الجوزي، وغيرهم، ويعرف ذلك معرفة جيدة من تفاسير القرآن والحديث البسيطة كتفسير القرطبي، وشرح مسلم للنواوي، وغيرهما. وقد سبقت الطرق التي يعرف بها الناسخ والمنسوخ ...
قوله:«ويكفيه معرفة أن هذه المسألة مجمع عليها أم لا».
هذا كما سبق في القدر الكافي من الناسخ والمنسوخ، وهو أن يعلم أن هذه المسألة مما أجمع عليه، أو مما اختلف فيه، ولا يشترط أن يعلم الإجماع والخلاف في جميع المسائل، ولعل هذا ينزع إلى تجزؤ الاجتهاد على ما سيأتي إن شاء الله تعالى) (١).
(١) انظر أيضا: روضة الناظر (ص/٣٥٣)، التحبير (٨/ ٣٨٧٢، ٣٨٧٣)، شرح الكوكب (٤/ ٤٦١، ٤٦٤)، المدخل (ص/٣٧١، ٣٧٢).