بالمنذرين ويحصل بالإقرار كقول جابر رضي الله عنه (كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن) والتحقيق أن يقال بيان الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قسمان فعل وترك أما الترك فقد يدل على عدم التحريم تارة وعلى عدم الوجوب أو الاستحباب أخرى وهذا هو الإقرار على ما فعلوه والثاني الإمساك عن الأمر بالشيء أو فعله على تفصيل في هذا القسم وأما الفعل فإنزال الكتاب أو خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تمام التقسيم فلا تغفل عن الدلالة العدمية فإنها أصل معتمد وهى غير استصحاب الحال).
وقال ابن القيم في " إعلام الموقعين"(٢/ ٣٨٧): (وقد احتج به جابر في تقرير الرب في زمن الوحي كقوله كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيء ينهى عنه لنهي عنه القرآن وهذا من كمال فقه الصحابة وعلمهم واستيلائهم على معرفة طرق الأحكام ومداركها وهو يدل على أمرين:
أحدهما أن أصل الأفعال الإباحة ولا يحرم منها إلا ما حرمه الله على لسان رسوله. الثاني أن علم الرب تعالى بما يفعلون في زمن شرع الشرائع ونزول الوحي وإقراره لهم عليه دليل على عفوه عنه والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله أنه في الوجه الأول يكون معفوا عنه استصحابا وفي الثاني يكون العفو عنه تقريرا لحكم الاستصحاب).
وقال المرداوي في "التحبير"(٥/ ٢٠٢١) وهو يتكلم عن حجية قول الصحابي: كنا نقول أو نرى على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لم يذكر الأصوليون وغيرهم أنه حجة لتقرير الله تعالى، وذكره الشيخ تقي الدين محتجا بقول جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: (كنا نعزل والقرآن ينزل) لو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن متفق عليه. وهو ظاهر الدلالة).
قال الصنعاني في " إجابة السائل شرح بغية الآمل"(ص / ٣٥): (تستفاد الإباحة من الإقرار على الفعل في زمن الوحي وهو نوعان: إقرار الرب، وإقرار رسوله صلى الله عليه وسلم فمن إقرار الرب حديث جابر كنا نعزل والقرآن ينزل ومن إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم قول حسان لعمر كنت أنشد وفيه من هو خير منك).