له مخالفة بوجه}. لابد في الاستثناء المنقطع من مخالفة المستثنى للمستثنى منه في نفي الحكم، نحو: ما جاءني القوم إلا حمارا، أو ما جاء زيد إلا عمرا. أو إن في المستثنى حكم آخر، له مخالفة مع المستثنى منه ...
فائدة: قال ابن قاضي الجبل: ينقسم الاستثناء إلى منقطع ومتصل، وفي ضبط المنقطع إشكال، فكثير من العقلاء يعتقدون أن المنقطع الاستثناء من غير الجنس، وليس كذلك فإن قوله تعالى:(لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى)[الدخان: ٥٦] منقطع على الأصح مع أن المحكوم عليه بعد إلا هو نقيض المحكوم عليه أولا ومن جنسه. وكذلك قوله تعالى:(لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً)[النساء: ٢٩] منقطع، مع أن المحكوم عليه بعد إلا هو عين الأموال التي حكم عليها قبل إلا، بل المحقق أن يعلم أن المتصل عبارة عن أن تحكم على جنس كما حكمت عليه أولا بنقيض ما حكمت فيه أولا، فمتى انخرم قيد من هذين القيدين كان منقطعا ويكون المنقطع بحكم على جنس كما حكمت عليه أولا بغير ما حكمت عليه أولا، وعلى هذا يكون الاستثناء في الآيتين منقطعا، فإن نقيض (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ) يذوقون فيها الموت ولم يحكم به بل بالذوق في الدنيا، ونقيض:(لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) كلوها بالباطل ولم يحكم به، وعلى هذا تخرج أقوال العلماء في الكتاب والسنة ولسان العرب. انتهى).
فتحصل مما سبق أن القول الصحيح في المذهب هو أنه يشترط لصحة الاستثناء أن يكون المستثنى من نفس جنس المستثنى منه، وأنه لا يصح الاستثناء المنقطع، إلا في النقدين ففي رواية الإمام أحمد جواز استثناء أحد النقدين من الآخر وقد اختلف الأصحاب في توجيه هذه الرواية، واختار أبو الخطاب وغيره إجراءها على ظاهرها وأنهما نوعان فيصح استثناء نوع من آخر كثوب من دراهم كما سبق نقله عن الطوفي.
وهذه الرواية المخرجة على قول الإمام أحمد في النقدين هي الموافقة لقول الجمهور بصحة الاستثناء المنقطع وهذا القول هو الراجح.
قال الشنقيطي في "أضواء البيان"(٣/ ٤٦٦):) قوله تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)[مريم: ٦٢]. ذكر جل وعلا في هذه الآية