للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبعض العلماء يقولون: نعم (١). وأجاب عن هذا بجوابين (٢)، الجواب الأول: أن المراد بالتكليف التزام الشرع ولو كان الشيء مباحًا، وبعضهم أجاب قال: إن المباح فيه شيء من التكليف، وذلك باعتقاد إباحته، وفعله على سبيل الإباحة).

والقول الأول الذي ذكره الشيخ هو نحو قول المجد، حيث قال في المسودة (ص/٣٢): (والتحقيق في ذلك عندي أن المباح من أقسام (أحكام) التكليف بمعنى أنه يختص بالمكلفين أي أن الإباحة والتخيير لا يكون الا لمن يصح إلزامه بالفعل أو الترك فأما الناسي والنائم والمجنون فلا إباحة في حقهم كما لا حظر ولا إيجاب فهذا معنى جعلها في أحكام التكليف لا بمعنى أن المباح مكلف به).

وفيه بعد فالناظر في عبارته يجد أنه ربط بين الأحكام التكليفية الخمسة بالقدر المشترك بينهم وهو المكلف، وهذا خارج عن محل النزاع فإن الكلام إنما هو بالنظر إلى ذات الفعل لا إلى الفاعل.

وأما ما نقله الشيخ عن البعض من قولهم: (أن المراد بالتكليف التزام الشرع ولو كان الشيء مباحًا) فلم أقف على قائله مع ما فيه من نظر، فمعنى الالتزام ينافي التخيير الذي في المباح، وقد سبق ذكر أن من معاني الواجب اللزوم، ولذا تجد ابن عقيل عندما عرف الواجب قال: (إلزام الشرع)، وقد سبق الكلام عليه.

وقد يكون المراد بالتزام الشرع الثبوت والدوام على أحكامه، بمعنى أنه يسير على نهجه، ولما كان المباح حكما شرعيا فيدخل في تعريف التكليف الذي ذكره الشيخ بأنه: التزام الشرع. ولا يخلو هذا أيضا فيه نظر؛ إذ أن الالتزام يكون لما فيه طلب بالفعل أو الترك، والمباح ليس فيه واحد منهما.

وأما القول الثالث الذي نقله الشيخ عن البعض من أن المباح فيه شيء من التكليف، وذلك باعتقاد إباحته، وفعله على سبيل الإباحة) فهو ضعيف قال الشيخ في "الأصل" (ص/١٠) وهو يعرف الحكم الشرعي بقوله (المتعلق بأفعال المكلفين): (فخرج به ما تعلق بالاعتقاد فلا يسمى حكماً بهذا الاصطلاح).


(١) ظاهر الكلام أن المراد الموافقة على دخول المباح في الأحكام التكليفية، وفي الشريط الأصل سؤالا لبعض الحاضرين، ولكنه بصوت غير مسموع.
(٢) أي توجيهاتهم لدخول المباح في الأحكام التكليفية.

<<  <   >  >>