قولك الحيوان جنس يظهر به قصد الماهية دون الأفراد، وهذا يخالف الكلية والجزئية اللتين موضعهما النكرة فالحكم بالمحمول فيهما إنما هو على أفراد الموضوع لا على ماهيته العارية من اعتبار الأفراد فقولك كل إنسان حيوان الحكم في هذه الكلية بالمحمول الذي هو الحيوان على كل فرد من أفراد الموضوع الذي هو الإنسان، لصدق قولك زيد حيوان وعمرو حيوان مثلا، وليس الحكم على الماهية لأن ماهية الإنسان شيء واحد مركب عندهم من حيوانية وناطقية والشيء الواحد لا يجوز دخول السور عليه لعدم تعدده، فلا يجوز مع اعتبار الماهية قولك كل إنسان؛ لأن ماهية الإنسان شيء واحد كما هو مقرر في مبحث أطراف السور وما ذكرنا من الحكم بالمحمول على أفراد الموضوع في الكلية، ومثلنا له هو بعينه في الجزئية؛ لأن الفرق بين الكلية والجزئية إنما هو بشمول الحكم جميع الأفراد وعدمه، فإن شمل الحكم بالمحمول جميع أفراد الموضوع فهي كلية، نحو كل إنسان حيوان، وإلا فجزئية نحو بعض الحيوان إنسان، والحكم في كل منهما على الأفراد لا على الماهية، فظهر الفرق بين اسم الجنس الذي هو المطلق وبين النكرة، بأن الأول موضوع الطبيعية، والأخير موضوع الكلية والجزئية.
وقد بنى الأصوليون على هذا الفرق مسألة تزيده إيضاحا وبيانا وهي ما لو قال لزوجته: إن ولدت ذكرا فأنت طالق، فولدت ذكرين. فعلى مراعاة المطلق الذي هو اسم الجنس الدال عندهم على الماهية بلا قيد تطلق زوجته؛ لأنه علق طلاقها على ماهية الذكر، وقد وجدت، ولا نظر إلى الأفراد في المطلق وعلى مراعاة النكرة الدالة على الواحد الشائع لا تطلق زوجته؛ لأنه علق على ولادتها واحدا بمقتضى النكرة الدالة على الواحد الشائع، فلم تلد واحدا بل ولدت اثنين، فجاءت بغير المعلق عليه ... ).
- قال الزركشي في "البحر المحيط"(٣/ ٣): (المطلق ما دل على الماهية بلا قيد من حيث هي هي وقال في المحصول ما دل على الماهية من غير أن يكون له دلالة على شيء من قيودها ...... وقال ابن الزملكاني في البرهان جعل صاحب المحصول المطلق والنكرة سواء وخطأ القدماء في حدهم له بما سبق ... ورد عليه الأصفهاني في شرح المحصول وقال لم يجعل الإمام المطلق والنكرة سواء بل غاير بينهما فإن