ومثال ما يحتاج إلى غيره في بيان صفته: قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ)[البقرة: ٤٣] فإن كيفية إقامة الصلاة مجهولة تحتاج إلى بيان.
ومثال ما يحتاج إلى غيره في بيان مقداره: قوله تعالى: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) فإن
مقدار الزكاة الواجبة مجهول يحتاج إلى بيان).
وقريب من تعريف الشيخ تعريف القاضي في العدة (١)(١/ ١٤٢) حيث عرفه بقوله: (وأما المجمل فهو ما لا ينبئ عن المراد بنفسه، ويحتاج إلى قرينة تفسره مجمل في جنس الحق وفي قدره، ويحتاج إلى دليل يفسره ويبين معناه.
فأما قوله تعالى: (أَقِيمُوا الْصَّلاَةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ) فإن ذلك مجمل؛ لأن الصلاة في اللغة: دعاء، فكان كما قال تعالى:(وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)[سورة الأنفال: ٣٥]، وفي الشريعة هي: التكبير والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهد والسلام، ولا يقع على شيء من ذلك اسم الصلاة.
فإذا كان اللفظ لا يدل على المراد به ولا ينبئ عنه وجب أن يكون مجملا.
وكذلك الزكاة في اللغة: النَّمَاء والزيادة، من قولهم: زكا الزرع إذا زاد ونما. والمراد في الشريعة بالزكاة غير ذلك، واللفظ لا يدل عليه ولا ينبئ عنه ... ).
- وللحنابلة تعريف آخر له، قال المرداوي في "التحبير"(٦/ ٢٧٥٠): (قوله: (واصطلاحا: ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء). قاله الطوفي في ' مختصره '، لكن قال: اللفظ المتردد إلى آخره فيرد عليه الأفعال، نحو القيام من الركعة الثانية قبل التشهد؛ لتردده بين الجواز والسهو فلذلك حذفتها ليدخل الإجمال الفعلي فإن المجمل يتناول القول والفعل والمشترك والمتواطئ. واحترز بقوله:(بين محتملين) عما له محتمل واحد كالنص. وقوله: على السواء، احتراز عن الظاهر، وعن الحقيقة التي لها مجاز).
(١) وأيضا تعريف: الشيرازي في "اللمع" (ص/٤٩)، والباجي في "الحدود" (ص/٤٥)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٢٣٤)، ونص عبارة الشيرازي: (المجمل هو ما لا يعقل معناه من لفظه ويفتقر في معرفة المراد إلى غيره)، وعرفه الأزميري في "حاشيته على مرآة الأصول" (١/ ٤١٠): (ما خفي مراده بحيث لا يدرك إلا ببيان يرجي).