وهو معتزلي أيضا فقال في "المعتمد"(١/ ٣٧٠): (اتفق المسلمون على حسن نسخ الشرائع إلا حكاية شاذة عن بعض المسلمين أنه لا يحسن ذلك).
وقال الشوكاني في "إرشاد الفحول"(٢/ ٥٢): (النسخ جائز عقلا واقع سمعا بلا خلاف في ذلك بين المسلمين إلا ما يروي عن أبي مسلم الأصفهاني فإنه قال أنه جائز غير واقع وإذا صح هذا عنه فهو دليل على أنه جاهل بهذه الشريعة المحمدية جهلا فظيعا وأعجب من جهله بها حكاية من حكى عنه الخلاف في كتب الشريعة فإنه إنما يعتد بخلاف المجتهدين لا بخلاف من بلغ في الجهل إلى هذه الغاية).
- فقيل - يعني في توجيه هذا القول الشاذ -: أنه محمول على إنكار التسمية فهو يسميه تخصيصا لا نسخاً فيكون الخلاف في الاصطلاح لا الجواز.
قال الشيخ في تفسير البقرة:(من فوائد الآية - أي قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا) -: ثبوت النسخ، وأنه جائز عقلاً، وواقع شرعاً؛ وهذا ما اتفقت عليه الأمة إلا أبا مسلم الأصفهاني؛ فإنه زعم أن النسخ مستحيل؛ وأجاب عما ثبت نسخه بأن هذا من باب التخصيص؛ وليس من باب النسخ؛ وذلك لأن الأحكام النازلة ليس لها أمد تنتهي إليه؛ بل أمدها إلى يوم القيامة؛ فإذا نُسِخت فمعناه أننا خصصنا الزمن الذي بعد النسخ. أي أخرجناه من الحكم.؛ فمثلاً: وجوب مصابرة الإنسان لعشرة حين نزل كان واجباً إلى يوم القيامة شاملاً لجميع الأزمان؛ فلما نُسخ أخرج بعض الزمن الذي شمله الحكم، فصار هذا تخصيصاً؛ وعلى هذا فيكون الخلاف بين أبي مسلم وعامة الأمة خلافاً لفظياً؛ لأنهم متفقون على جواز هذا الأمر؛ إلا أنه يسميه تخصيصاً؛ وغيره يسمونه نسخاً؛ والصواب تسميته نسخاً؛ لأنه صريح القرآن:(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا)؛ ولأنه هو الذي جاء عن السلف .. ) (١).
قال البعلي في "المختصر"(ص/ ١٣٧): (وخالف أكثر اليهود في الجواز وأبو مسلم الأصفهاني في الوقوع وسماه تخصيصا فقيل خالف فالخلاف إذا لفظي).
وقال المحلي في "شرح جمع الجوامع"(٢/ ٨٨ - حاشية البناني): (النسخ واقع عند كل المسلمين، وسماه أبو مسلم الأصفهاني من المعتزلة تخصيصاً، لأنه قصر الحكم