والأشاعرة يجوزونه بناء على قولهم بأن الحسن ما أمر به الشارع، والقبيح ما نهى عنه الشارع، وقالوا إن سلمنا فرضا قبح الكذب فقبحه إنما هو باعتبار فاعله لا باعتبار التكليف به، ولا مانع عقلا من أن يبيحه الشرع لغرض المكلف من جلب مصلحة أو درء مفسدة.
وهذا الخلاف بينهم قائم على أساس أقوالهم في مسألة التحسين والتقبيح العقليين، وقد اختلفت فيها الأقوال إلى ثلاثة:
القول الأول:
أن حُسْن الأشياء وقُبْحها، والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة الشرع، وهو قول جماهير الأشاعرة.
القول الثاني:
أن حُسْن الأشياء وقُبْحها، والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة العقل، وهو قول المعتزلة والرَّافضة.
القول الثالث:
أن حُسْن بعض الأشياء وقُبْحها قد يعرف من جهة العقل دون ترتيب ثواب أو عقاب على ذلك، وهو قول أهل السنة والجماعة من السلف ومن تبعهم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم واختاره الزركشي من الشافعية، وهو قول الماتريديَّة والكرَّاميَّة.
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(٨/ ٤٣١): (الناس في مسألة التحسين والتقبيح (على ثلاثة أقوال طرفان ووسط:
(الطرف الواحد) قول من يقول بالحسن والقبح ويجعل ذلك صفات ذاتية للفعل لازمة له ولا يجعل الشرع إلا كاشفا عن تلك الصفات لا سببا لشيء من الصفات فهذا قول المعتزلة وهو ضعيف ...
وأما الطرف الآخر فهو قول من يقول إن الأفعال لم تشتمل على صفات هي أحكام ولا على صفات هي علل للأحكام بل القادر أمر بأحد المتماثلين دون الآخر لمحض الإرادة لا لحكمة ولا لرعاية مصلحة في الخلق والأمر.
ويقولون أنه يجوز أن يأمر الله بالشرك بالله وينهى عن عبادته وحده ويجوز أن