وقيل: إن الفحوى: ما نبه عليه اللفظ، واللحن: ما يكون محالا على غير المراد في الأصل والوضع).
إذا علمت معنى فحوى الخطاب فالمذهب أنه ينسخ وينسخ به.
قال ابن النجار في "شرح الكوكب": (٣/ ٥٧٦): ((ويجوز النسخ بالفحوى) عند الأئمة الأربعة والمعظم.
قال ابن مفلح: الفحوى يَنسخ ويُنسخ به قال الآمدي: اتفاقا وفي التمهيد: المنع عن بعض الشافعية (١)، وذكره في العدة عن الشافعية، قال فيما حكاه الإسفراييني: واختاره بعض أصحابنا لنا: أنه كالنص، وإن قيل: قياس قطعي. انتهى.
(و) يجوز أيضا (نسخ أصل الفحوى) وهو التأفيف، كما لو قال: رفعت تحريم التأفيف مثلا (دونه) في أنواع الأذى وهو الفحوى؛ لأنه لا يلزم من إباحة الخفيف إباحة الثقيل، وهذا اختيار القاضي أبي يعلى وابن عقيل والفخر إسماعيل البغدادي.
وحكي عن الحنفية وغيرهم وقال الموفق في الروضة، وتبعه الطوفي: بالمنع وذكره الآمدي قول الأكثر؛ لأن الفرع يتبع الأصل فإن رفع الأصل فكيف يبقى الفرع؟ (وعكسه) يعني أنه يجوز نسخ الفحوى - وهو الضرب مثلا - دون أصله وهو التأفيف، كما لو قال: رفعت تحريم كل إيذاء غير التأفيف فيجوز ذلك في ظاهر كلام أكثر أصحابنا، وعليه أكثر المتكلمين، قاله البرماوي؛ لأن الفحوى وأصله مدلولان متغايران فجاز نسخ كل منهما على انفراده ومنع من ذلك المجد وابن مفلح وابن قاضي الجبل وابن الحاجب وغيرهم، وقيل: إن نسخ أحدهما يستلزم نسخ الآخر قال في جمع الجوامع: والأكثر أن نسخ أحدهما يستلزم نسخ الآخر، ثم قال المحلي شارحه: واعلم أن استلزام نسخ كل منهما ينافي ما صححه في جمع الجوامع من جواز نسخ كل منهما دون الآخر، فإن الامتناع مبني على الاستلزام، والجواز مبني على عدمه.
(١) وذلك لأنه عندهم ليس مفهوما من نفس اللفظ، ولكنه قياس جلي أو قياس في معنى الأصل.