والمقادير ... إلخ، والصوم في السنة الثانية، والحج في السنة التاسعة فكل هذا من أجل أن يتطور التشريع حتى يبلغ الكمال.
وهذا كما أنه مقتضى الحكمة شرعًا، فهو مقتضى الحكمة قدرًا وانظر إلى الإِنسان أول ما يولد فهو صغير وضعيف القوة، ثم يزداد ويتطور حتى يصل إلى درجة الكمال).
٣ - اختبار المكلفين باستعدادهم لقبول التحول من حكم إلى آخر ورضاهم بذلك.
قال في الشرح (ص/٤٣٣): (وذلك من أشد ما يكون، فبعض الناس لا يرضى أن تتحول الأحكام أحيانًا كذا وأحيانًا كذا، ولهذا لما حولت القبلة ارتد بعض الناس، كما قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ)[البقرة: ١٤٣].
فالمهم أن في النسخ اختبارًا للمكلفين هل يرضون بالأحكام ويتقبلون وإذا قيل لهم هذا حلال فعلوه، وإذا قيل هذا حرام أمسكوا عنه، وإذا قيل هذا واجب التزموا به وقاموا به، وهذا لا شك أنه من أكبر الحكم.
س: فإذا قال قائل: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)[الأنعام: ٥٣].
الجواب: بلى هو أعلم بالشاكرين وأعلم بالمتقين. ولكن علمه لا يترتب عليه الجزاء، فلا يترتب الجزاء حتى يجرب العبد الشكر والتقوى، أما قبل ذلك فهو علم لا يتعلق بنا نحن - أي: بالنسبة للتكليف والإِثابة أو العقوبة).
٤ - اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان النسخ إلى أخف ووظيفة الصبر إذا كان النسخ إلى أثقل.
قال في "الشرح"(ص/٤٣٣): (النسخ قد يكون إلى أخف أو إلى أثقل أو إلى مساوٍ، وهذه ثلاثة أقسام " فلو رأينا نسخ تحريم الخمر لوجدناه إلى أثقل، ولو نظرنا إلى المصابرة لوجدناها إلى أخف، ولو نظرنا إلى الصوم وجدناه إلى أثقل، كان بالأول مخيرًا بين الصوم والفداء ثم تعين الصوم، هذا من جهة أخف: من جهة أنه إذا نام أو صلى العشاء وجب عليه الإمساك، ثم رخص لهم إلى طلوع الفجر فهو من هذه الجهة أخف، واستقبال القبلة مساو لأن الإِنسان من حيث العمل والتكليف: لا يفرق بين أن يستقبل الكعبة أو بيت المقدس. إذًا اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان