للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال:- (أحسنتم وأصبتم) -ورفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء -. فقال:- (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد. وأنا أمنة لأصحابي. فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي. فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون).

ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه وكنسبة النجوم إلى السماء.

ومن المعلوم أن هذا التشبيه يعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ما هو نظير اهتدائهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم ونظير اهتداء أهل الأرض بالنجوم.

- وأيضاً - فإنه جعل بقاءهم بين الأمة أمنة لهم وحرزاً من الشر وأسبابه. فلو جاز أن يخطئوا فيما أفتوا به ويظفر به من بعدهم لكان الظافرون بالحق أمنةً للصحابة وحرزاً لهم. وهذا من المحال.

الآثار السلفية:

١ - ما قاله عمر بن الخطاب لطلحة بن عبيدالله - رضي الله عنهما- حينما رآه لابساً ثوباً مصبوغاً وهو محرم:- (إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس ... ) (١).

٢ - وقال عبد ربه: كنا عند الحسن في مجلس فذكر كلاما وذكر أصحاب النبي فقال: (أولئك أصحاب محمد، كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه، وإقامة دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فإنهم كانوا ورب الكعبة على الهدى المستقيم) (٢).

٣ - قول إبراهيم النخعي:- لو بلغني أنهم - يعنى الصحابة - لم يجاوزوا بالوضوء ظفراً لما جاوزته به.

٤ - وقوله - أيضاً -: لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مسحوا على ظفر لما غسلته التماس الفضل في إتباعهم.


(١) رواه مالك في الموطأ وغيره بإسناد صحيح.
(٢) ونقل نحوه عن ابن مسعود وابن عمر بأسانيد ضعيفة وقواهما محقق جامع بيان العلم (٢/ ٩٤٨) أثر رقم (١٨١٠).

<<  <   >  >>