عن أكثر العلماء - ولا أظن أحداً لا يكفر من جحد هذا. انتهى. ولهذا وغيره قلنا: والحق أن منكر المجمع عليه الضروري، والمشهور المنصوص عليه. كافر قطعاً، وكذا المشهور فقط، لا الخفي في الأصح فيهما. فهنا أربعة أقسام: الأول: المجمع عليه الضروري، ولا شك في تكفير منكر ذلك، وقد قطع الإمام أحمد، والأصحاب: بكفر جاحد الصلاة، وكذا لو أنكر ركناً من أركان الإسلام، لكن ليس كفره من حيث كون ما جحده مجمعاً عليه فقط، بل مع كونه مما اشترك الناس في معرفته فإنه يصير بذلك كأنه جاحد لصدق الرسول. ومعنى كونه معلوماً بالضرورة أن يستوي خاصة أهل الدين، وعامتهم في معرفته حتى يصير كالمعلوم بالعلم الضروري في عدم تطرق الشك إليه، لا أنه يستقل العقل بإدراكه فيكون علماً ضرورياً، كأعداد الصلوات، وركعاتها، والزكاة، والصيام، والحج، وزمانها، وتحريم الزنا، والخمر، والسرقة، ونحوها. وإن لم يكن معلوماً من الدين بالضرورة، ولكن منصوص عليه مشهور عند الخاصة والعامة فيشارك القسم الذي قبله في كونه منصوصاً، ومشهوراً، ويخالفه من حيث إنه لم ينته إلى كونه ضرورياً في الدين فيكفر به جاحده أيضاً. وإن لم يكن منصوصاً عليه لكنه بلغ مع كونه مجمعاً عليه في الشهرة مبلغ المنصوص بحيث تعرفه الخاصة، والعامة فهذا أيضاً يكفر منكره في أصح قولي العلماء، حكاها الأستاذ أبو إسحاق وغيره؛ لأنه يتضمن تكذيبهم تكذيب الصادق. وقيل: لا يكفر لعدم التصريح بالتكذيب، وإن لم يكن منصوصاً عليه، ولا بلغ في الشهرة مبلغ المنصوص؛ بل هو خفي، لا يعرفه إلا الخواص، كإنكار استحقاق بنت الابن السدس مع البنت، وتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالاتها، أو إفساد الحج بالوطء قبل الوقوف بعرفة، ونحوه، فهذا لا يكفر جاحده، ولا منكره لعذر الخفاء، خلافاً لبعض الفقهاء في قوله: إنه يكفر؛ لتكذيبه الأمة. ورد: بأنه لم يكذبهم صريحاً، إذا فرض أنه لم يكن مشهوراً، فهو مما يخفى على مثله، فهذا تحقيق هذه المسألة وتحريرها ... ).
وخلاصة كلام المرداوي أنه ألحق بالضروري: المشهور سواء أكان منصوصا عليه أم لا في أنه يكفر منكره.