للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو كالذي إذا تمضمض ابتلع شيئاً من الماء فحكمه حكمه.

وكذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث ثابتة متعددة في الصحيحين أنه سأله رجل مرة وامرأة مرة أنهما سألاه عن دين يقضيانه عن ميت لهما، مرة تقول مات أبي ومرة تقول أمي وكذلك الرجل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان ينفعه؟ قالت: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى) فهو تنبيه منه - صلى الله عليه وسلم - على قياس دين الله على دين الآدمي بجامع أن الكل حق مطالب به الإنسان وأنه يقضي عنه بدفعه لمستحقه. وأمثال ذلك كثيرة.

ومن أصرحها ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه رجل، كان الرجل أبيض وامرأة بيضاء فولدت له غلاماً أسود فأصاب الرجل فزعاً من سواد الغلام وظن أنها زنت برجل أسود وجاءت بهذا الغلام فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - منزعجاً وأخبره بأنها جاءت بولد أسود وكان يريد أن يلاعنها وينفي عنه الولد باللعان زعماً أن هذا الولد من زان أسود وأنه ليس ولده لأنه هو أبيض وزوجته بيضاء فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (هل لك من إبل؟) قال: نعم. قال: (ما ألوانها؟) قال حمر. قال: (هل فيها من أورق) والأورق المتصف بلون الورقة والورقة يكون لوناً كحمام الحرم يعني سواد مع بياض يكون في الإبل. قال الرجل إن فيها لورق. قال: (ومن أين جاءتها تلك الورقة؟) آباؤها حمر وأمهاتها حمر فمن أين جاءتها تلك الورقة؟ قال: لعل عرقاً نزعها. قال له: (وهذا الولد لعل عرقاً نزعه). فاقتنع الأعرابي وهذا إلحاق نظير بنظير.

وفي الجملة فنظير الحق حق ونظير الباطل باطل، وهذا مما لا شك فيه، وأن القياس منه قياس صحيح لا شك فيه كالأقيسة التي ذكرنا ومنه قياس فاسد، والقرآن ذكر بعض الأقيسة الفاسدة وبعض الأقيسة الصحيحة.

ومن الأقيسة الصحيحة في القرآن قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران: ٥٩] ... الله جل وعلا قاس لهم هذا الولد على آدم بجامع أن آدم وجد ولم يكن له أم ولا أب خلق ولم يكن له أم ولا أب، فالذي خلق آدم ولم يكن أب ولا أم فهو قادر على أن يخلق عيسى من أم ولم

<<  <   >  >>