للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-إحداهما: أنه حجة، مقدم على، القياس؛ ويجب تقليده. وقد أومأ أحمد -رحمه الله- إلى هذا في مواضع من مسائله:

فقال في رواية أبي طالب "في أموال المسلمين إذا أخذها الكفار، ثم ظهر عليه المسلمون، فأدركه صاحبه فهو أحق به، وإن أدركه وقد قُسِم فلا حق له، كذا قال عمر، ولو كان القياس كان له. ولكن كذا قال عمر".

وكذلك نقل أبو طالب عنه في رجل يصوم شهرين من كفارة، فتسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم، ثم علم: "يقضي يوماً مكانه، وإن أكل ناسياً بالنهار، فليس عليه شيء.

فقيل: فإذا لم يعلم، فهو كالناسي؟. فقال: كذا في القياس، ولكن عمر أكل في آخر النهار يظن أنه ليل، قال: اقض يوماً مكانه".

وفي رواية أخرى: القياس مقدم عليه.

أومأ إليه - رحمه الله- في مواضع من مسائله ... نقل المروذي عنه: "ابن عمر يقول: على قاذف أم الولد (١) الحد. وأنا لا أجترئ على ذلك، إنما هي أمة، أحكامها أحكام الإماء".

وهذا صريح من كلامه في أن أقواله ليست بحجة ...

واختلف أصحاب أبي حنيفة، فذهب البَرْدَعى والرازي والجرجاني: إلى أنه حجة، يترك له القياس.

وحكى الرازي عن الكرخى أنه قال: "أما أنا فلا يعجبني هذا المذهب"، وكان لا يرى قول الصحابي فيما يسوغ فيه الاجتهاد حجة.

واختلف أصحاب الشافعي، فقال في القديم: هو حجة. وقال في الجديد: ليس بحجة.

وبه قال عامة المتكلمين من المعتزلة والأشعرية.

فالدلالة على أنه حجة، يُترك له القياس: قوله عليه السلام: (أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم)، ... ) اهـ

ثم أخذ يسوق الأدلة على حجية قول الصحابي، وقد سبق بيان أنه حجة، وهذه


(١) هي الأمة التي يجامعها سيدها فتلد منه، فإن هذه تبقى أم ولد، فإن مات سيدها عتقت، وهناك خلاف بين العلماء فيها هل تلحلق بالحرة أم بالأمة؟؛ لأنها شبيهة بالحرة وفيها شبه بالأمة.

<<  <   >  >>