وقال الشيخ محمد منظور في "القياس في العبادات"(ص/٥٤١): (إن العلماء اتفقوا على أن الحدود والكفارات مقدرة شرعا فهي توقيفية، فليس لأحد أن يثبت حدا أو كفارة في الشرع ابتداء بالقياس؛ لأن ذلك نصب الشريعة بالرأي.
وفي الحقيقة أن معنى إثبات حد أو كفارة ابتداء بالقياس إنشاؤهما من غير أصل وليس ذلك من القياس الشرعي في شيء.
فمعنى إجراء القياس في الكفارات إلحاق مخالفة شرعية غير منصوص على كفارتها بمخالفة شرعية معينة منصوص على كفارتها لجامع بينهما، مثل إلحاق القتل عمدا بالقتل خطأ في وجوب الكفارة بجامع القتل بغير حق.
ومعنى أجراء القياس في الحدود إلحاق جناية غير منصوص على حدها بجناية منصوص على حدها لجامع بينهما، مثل النباش بالسارق في قطع اليد بجامع الأخذ خفية من الحرز).
قال القاضي في " العدة "(٤/ ١٤٠٩ (: (يجوز إثبات الحدود والكفارات والمقدرات والأبدال بالقياس، ويجوز قياسها على المواضع التي أجمع على ثبوت ذلك فيها ... وهو قول أصحاب الشافعي، وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يثبت ذلك بالقياس ... )(١).
والقول بجريان القياس في العبادات وما تضمن معناها هو الراجح لعموم الأدلة المثبتة للقياس ولم يثبت ما يخرج العبادات منها.
بالإضافة إلى أن من ذهب لنفي القياس في العبادات خالفوا هذا الأصل وقاسوا فيها، ومن أمثلة ذلك:
قال السرخسي في "المبسوط"(١/ ٣٥): (ويجوز افتتاح الصلاة بالتسبيح والتهليل والتحميد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله).
فقاسوا ألفاظ التسبيح والتهليل والتحميد على لفظ التكبير بجامع التعظيم لله باللسان في جواز افتتاح الصلاة به.
(١) انظر: التمهيد (٣/ ٤٤٩)، الروضة (ص/٣٣٨)، شرح مختصر الروضة (٣/ ٤٥١)، نزهة الخاطر العاطر (٢/ ٢٢٥)، شرح مختصر أصول الفقه (ص/٢٠٢).