له بالبهيمة والمتاع في ذلك، وبما دون دية الحر بعشرة دراهم تشبيها له به، وتقاعدا به عن درجة الحر.
وكذا المذي تردد بين البول والمني، فمن حكم بنجاسته، قال: هو خارج من الفرج لا يخلق منه الولد، ولا يجب به الغسل، أشبه البول، ومن حكم بطهارته، قال: هو خارج تحلله الشهوة، ويخرج أمامها، فأشبه المني، وزعم بعضهم أن الخلاف في طهارة المذي مبني على أنه جزء من المني، أو رطوبة ترخيها المثانة.
واعلم أنك إذا تفقدت مواقع الخلاف من الأحكام الشرعية، وجدتها نازعة إلى الشبه بهذا التفسير، فإن غالب مسائل الخلاف تجدها واسطة بين طرفين تنزع إلى كل واحد منهما بضرب من الشبه فيجذبها أقوى الشبهين إليه، فإن وقع في ذلك نزاع، فليس في هذه القاعدة، بل في أي الطرفين أشبه بها حتى يلحق به. وقد ذكرت جملة من أمثلة ذلك في «القواعد الكبرى» و «تلخيص الحاصل» ...
قوله:«وقيل: الجمع» هذا تعريف آخر لقياس الشبه، وهو:«الجمع بين الأصل والفرع بوصف يوهم اشتماله على حكمة ما». وقال في «الروضة»: على حكمة الحكم «من جلب مصلحة، أو دفع مفسدة» وهذا نحو مما اختاره الآمدي، وذلك لأن الأوصاف، يعني التي اقترن بها الحكم في الأصل ثلاثة أقسام، لأنها «إما مناسب معتبر» أي: تعلم مناسبته للحكم، واعتبار الشرع له، لأجل مناسبته قطعا، كمناسبة شدة الخمر للتحريم، والقتل للقصاص، والقطع للسرقة، والزنا للحد، وغير ذلك من الأوصاف المناسبة لأحكامها، وهي كثيرة جدا، أو ليس مناسبا ولا معتبرا، كلون الخمر وطعمها، إذ لا يناسبان تحريمها، وكقول القائل: إنما قتل القاتل، وحد السارق والزاني والقاذف; ووجبت الكفارة على الأعرابي، لكونه أسود، أو أبيض، أو طويلا، أو قصيرا ونحو ذلك، فهذا طرد محض نعلم قطعا أن الشرع لم يعلق الحكم عليه لما سبق من أن تصرفه لا يخرج عن تصرف العقلاء، وهذا خارج عنه، فلا يكون تصرفا له، وأيضا لإلفنا منه في موارد تصرفه ومصادرها عدم الالتفات إلى مثل هذا الوصف، فهذان الطرفان معلوما الحكم.
أما القسم الثالث; وهو «ما ظن» أنه «مظنة للمصلحة» أي: يوهم اشتماله على مصلحة الحكم، وظننا أنه مظنتها من غير قطع بذلك، ورأينا الشارع قد اعتبره في