للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَيْئًا) [النجم: ٢٨] ; خالفناه في قياس المناسبة للدليل الراجح والاتفاق، ففي قياس الشبه يبقى على موجب الدليل، ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - إنما اجتمعت على المناسبة لا على الشبه، فوجب أن لا يكون حجة.

وأجيب بوجوه:

أحدها: المعارضة بقوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) [الحشر: ٢]، وقياس الشبه نوع من الاعتبار.

والثاني: قوله عليه السلام: نحن نحكم بالظاهر وقياس الشبه يفيد الظاهر، فيجب الحكم به عملا بالنص.

الثالث: أنه مندرج في عموم قول معاذ - رضي الله عنه - أجتهد رأيي وقد صوبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجب أن يكون صوابا.

الرابع: ما أشرنا إليه من دلالة قياس إخراج الموتى من الأرض على إخراج الحب منها على قياس الشبه عند ذكر أدلة أصل القياس (١).

الخامس: أن القاضي خالف مذهبه حيث احتج بقياس الشبه كثيرا في «المجرد» و «التعليقة الكبرى» وغيرهما.

قوله: «والاعتبار بالشبه حكما لا حقيقة خلافا لابن علية، وقيل: بما يظن أنه مناط للحكم».


(١) قال في (٣/ ٢٥٥): (الطريق الثالث من طرق القياس العقلي في إثبات المعاد: قياس إخراج الموتى من الأرض أحياء على إخراج الحب الميت من الأرض حيا، أو نقول: قياس إعادة الموتى بعد تلاشيهم واستهلاكهم على إعادة الحب بعد تلاشيه واستهلاكه ... وقد تضمن هذا الطريق نوعين من القياس: أحدهما: قياس شبهي، وهو قياس إحياء الأبدان بالأرواح على إحياء الأرض بخضرتها وزهرتها بعد يبسها ومحولها، والجامع بينهما أن الخضرة والنضارة للأرض تشبه الروح للجسد، وهذا جامع شبهي لا شك فيه، وهو مجازي أيضا؛ لأن الموت حقيقة في الأجسام الحيوانية أو في الذوات الحية، واستعماله في الأرض والبلد نحو قولنا: أرض ميتة وبلد ميت، مجاز لما ذكرنا ... ).

<<  <   >  >>