٢ ـ طالب علم عنده من العلم، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحِّر.
٣ ـ عامي لا يدري شيئاً.
أما الأول: فإن له الحق أن يجتهد وأن يقول، بل يجب عليه أن يقول ما كان مقتضى الدليل عنده مهما خالفه مَن خالفه من الناس، لأنه مأمور بذلك. قال تعالى:(لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء: ٨٣] وهذا من أهل الاستنباط الذين يعرفون ما يدل عليه كلام الله وكلام رسوله.
أما الثاني: الذي رزقه الله علماً ولكنه لم يبلغ درجة الأول، فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه، ولكن يجب عليه أن يكون محترزاً في ذلك، وألا يقصِّر عن سؤال مَن هو أعلى منه من أهل العلم؛ لأنه قد يخطأ، وقد لا يصل علمه إلى شيء خصَّص ما كان عامًّا، أو قيَّد ما كان مطلقاً، أو نَسَخَ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك.
أما الثالث: وهو مَن ليس عنده علم، فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى:(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل: ٤٣]، وفي آية أخرى:(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) [النحل: ٤٣، ٤٤]. فوظيفة هذا أن يسأل ... ).
مرتبة الإتباع هي لمن هو قاصر عن مرتبة الاجتهاد، فهو يفهم الحجة ويعرف الدليل ولكنه في نفس الوقت ليس عنده القدرة على الاستقلال بفهم الأدلة واستنباط الأحكام منها، وقد لا يكون قادراً على دفع الشُّبَه عن الدليل والجواب عن أدلة القول الآخر.
فهذا فيه شبه بكلا الطرفين - أي المجتهد والمقلد -، والأقوى عندي حفاظا على جانب الفتوى، وللأدلة التي ساقها الآمدي أنه يلحق بجانب المقلد، قال الآمدي في " الإحكام"(٤/ ٢٣٤): (العامي ومن ليس له أهلية الاجتهاد وإن كان محصلا لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد يلزمه إتباع قول المجتهدين والأخذ بفتواه عند المحققين من الأصوليين ومنع من ذلك بعض معتزلة البغداديين وقالوا لا يجوز ذلك الا بعد أن يتبين له صحة اجتهاده بدليله ونقل عن الجبائي أنه أباح ذلك في مسائل الاجتهاد دون غيرها كالعبادات الخمس والمختار إنما هو المذهب الأول ويدل عليه النص والإجماع