قال صاحب كتاب (إشكال وجوابه في حديث أم حرام بنت ملحان): «وأنبه أن لفظة (النوم في الحجر) لم أجدها في أي رواية من روايات الحديث» (١).
الجواب:
استشكل حَدِيث أُمّ حَرَام هذا مِنْ وجهين:
الأوَّل: أنّ ظاهر الحَدِيث يوهم خلوة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بأُمّ حَرَام، ومعلوم أنّ خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية لا تجوز باتفاق العلماء.
والثاني: أنّ في الحَدِيث: «ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ فَنَامَ» فهل يجوز للمرأة مس جسد الرجل الأجنبي؟.
وهذا الإشكال فرح به صنفان من أهل الأهواء:
فالصنف الأوَّل: اتخذ هذا الحَدِيث حجة للطعن في أصح كتابين بعد كتاب الله (صحيح البخاري، وصحيح مسلم)، لفهمه السقيم أنّ في ذلك طعنًا في جناب المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم -.
والصنف الثاني: وهم أهل الشهوات الذين قَالَ الله - عز وجل - فيهم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧)} (النساء:٢٧)، فأخذوا ما يوافق شهواتهم وأعرضوا عن ما يخالفها من صريح الكتاب والسنة.
وهذان الصنفان ليس نظرهم في الدليل نظر المستبصر حتى يكونَ هواه تحت حكمه، بل نظر مَنْ حَكَمَ بالهوى ثم أتى بالدليلِ كالشاهدٍ له، وهذا شأنُ كلّ مبطل ممن يترك المحكم للمتشابه.