للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ».قَالَتْ «انْطَلِقِي عَنْكِ»، وَأَبَتْ».

(حَجْرَة) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا رَاءٍ، أَيْ نَاحِيَة، قَالَ الْقَزَّاز: هُوَ مَأْخُوذ مِنْ قَوْلهمْ: نَزَلَ فُلَان حَجْرَة مِنْ النَّاس أَيْ مُعْتَزِلًا.

(اِنْطَلِقِي عَنْك) أَيْ عَنْ جِهَةِ نَفْسك (١).

وبهذا يتبين ما أمر به الإسلام، وما شرعه رب الأنام.

ثالثًا: ما يحصل الآن حول الكعبة ـ شرفها الله ـ من اختلاط بصورة مذمومة، مخالفة لما أمر به الشرع ليس دليلًا على الجواز، لأننا نأخذ ديننا من الوحيين لا من واقع الناس، وإذا اضطر الطائف للطواف مختلطًا بالنساء فعليه أن يتجنب ملامسة النساء، والنظر إليهن.

وما نراه الآن من اختلاط الرجال بالنساء في الطواف مخالف للشرع، والعلماء ينكرونه وكذلك رجال الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في الحرم حيث يحثون النساء على الطواف خلف الرجال ولكنهم يواجهون صعوبة كبيرة بسبب جهل بعض الناس وعدم تجاوبهم وبسبب اختلاف لغاتهم، وسبب آخر وهو الخوف من الضياع فتظل المرأة مع محرمها خشية الافتراق والضياع.

أما في حال الزحام الشديد في الحج وغيره ففصل النساء عن الرجال مستحيل!

والأصل هو طواف النساء خلف الرجال كما بينت الأدلة.

ومما سبق يتبين أن قياس الاختلاط في العمل وغيره على الطواف بالبيت الحرام فهو قياس مع الفارق، فإن النساء كُنّ يَطُفْنَ في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من وراء الرجال متسترات، لا يداخِلْنَهُم ولا يختلِطْنَ بهم، وكذا حالهن مع الرجال في مصلى العيد، فإنهن كن يخرجن متسترات، ويجلسن خلف الرجال في المصلى، وقد كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا خطب


(١) فتح الباري (٣/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>