للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا مرية فيه، غير أن الشارع لم يوجب عليهن الجهاد، وخروج النساء في العصر الأول للجهاد كان منضبطًا بضوابط الشريعة، والتي منها:

١ - مراعاة المنع من الاختلاط، وأسباب الفتنة، فمن أجازوا خروج النساء للغزو اختلفوا في خروج الشابة إلى أرض العدو بينما رخصوا للعجوز، وقالوا بالكراهة لخروجها في سرية لا يؤمن عليها، وعلق بعضهم الإباحة بكون العسكر كثيرًا تؤمن عليه الغلبة، وهذا هو الأقرب، فإن غلب على الظن الهزيمة فلا يجوز تعريض نساء المسلمين للسبي، قال الإمام ابن عبد البر: «وخروجهن مع الرجال في الغزوات وغير الغزوات مباح إذا كان العسكر كبيرا يؤمن عليه الغلبة» (١).

٢ - ومن الضوابط الشرعية لجواز خروج النساء للجهاد: وجود المَحْرَم لقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ» (رواه البخاري ومسلم)، ولعدم وجود ما يخصص موطن الجهاد.

وهذا هو الذي ورد عن الصحابة فقد كانوا يخرجون للجهاد وربما صحبوا بعض المحارم من نحو زوجة وأم، ولا يُظن أن منصفًا لبيبًا يتصور خروج نساء ذلك الجيل للجهاد وبقاء أزواجهنّ أو أبنائهن أو أخوالهن أو أعمامهن أو سائر محارمهن في قعر البيوتات! ومن ظن ذلك فقد أساء الظنّ بمن أثنى الله عليهم وأوجب حسن الظن بهم.

٣ - ومن ضوابط الشرع التي يقتضي حسن الظن بهن التزامهن بها؛ الحجاب والتستر، فالأمر به عام ولم يأت ما يخرج محل الجهاد عن ذلك العموم، والأصل التزامهن بأمر الشارع.


(١) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٩/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>