للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كيف يظن بمن خرجت لنفل إهمالها لواجبٍ يتنزل الأمر به، ومُبَلّغُه قائم تراه بأم عينها.

٤ - ومن تأمل خروج النساء في الجهاد وجده لحاجة الخدمة والرجوع بالموتى، أو لضرورة مداواة المرضى والجرحى، أما إذا لم تكن ثمة ضرورة فلا تباشر علاج أجنبي.

هذا هو الأصل في خروجهن للجهاد، وتلك هي وظيفتهن يدل على ذلك حديث الرُبَيِّعَ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - نَسْقِي الْقَوْمَ وَنَخْدُمُهُمْ وَنَرُدُّ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى إِلَى الْمَدِينَةِ» (رواه البخاري).

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من صحيح البخاري:

«وَفِيهِ جَوَازُ مُعَالَجَة الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة الرَّجُل الْأَجْنَبِيّ لِلضَّرُورَةِ قَالَ اِبْن بَطَّال: وَيَخْتَصُّ ذَلِكَ بِذَوَات الْمَحَارِمِ ثُمَّ بِالْمُتَجَالَّاتِ مِنْهُنَّ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْجُرْحِ لَا يُلْتَذُّ بِلَمْسِهِ بَلْ يَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْجِلْدُ، فَإِنْ دَعَتْ الضَّرُورَة لِغَيْرِ الْمُتَجَالَّاتِ فَلْيَكُنْ بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ وَلَا مَسٍّ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اِتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا مَاتَتْ وَلَمْ تُوجَدْ اِمْرَأَة تُغَسِّلُهَا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُبَاشِرُ غُسْلَهَا بِالْمَسِّ بَلْ يُغَسِّلُهَا مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ ـ كَالزُّهْرِيِّ ـ، وَفِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ تُيَمَّمُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «تُدْفَنُ كَمَا هِيَ».

قَالَ اِبْن الْمُنير: «الْفَرْقُ بَيْنَ حَال الْمُدَاوَاة وَتَغْسِيل الْمَيِّتِ أَنَّ الْغُسْلَ عِبَادَةٌ وَالْمُدَاَوةُ ضَرُورَة وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ» (١).

قال الإمام الشوكاني - رحمه الله -: «وَهَكَذَا يَكُونُ حَالُ الْمَرْأَةِ فِي رَدِّ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى فَلَا تُبَاشِرُ بِالْمَسِّ مَعَ إمْكَانِ مَا هُوَ دُونَهُ» (٢).


(١) فتح الباري (٦/ ٧٩).
(٢) انظر نيل الأوطار (٧/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>