نستدلَّ بِمُداواةِ الجرحى للضرورة، على جواز الاختلاط في الاجتماعات والندوات، والسكرتارية، وفي كل ميادين التطبيب والتمريض بلا ضرورة أو حاجة ملحة.
حكم شهود النساء القتال والتحامهن بالرجال:
ليس للمرأة أن تشهد القتال وتلتحم بالرجال وقد تقرر أن الضرورة تبيح المحظور، فإن اضطرت النساء لمباشرة القتال إذا انهزم المسلمون أو عَمَّ النفير واختلطت الأمور، فلا حرج في مشاركتهن ودفاعهن عن أنفسهن.
كما أن لهن أن يجاهِدْنَ بغير إذن إذا دهم المسلمين عدو في قعر الدور، ففي مثل هذه الأحوال ليس لهن إلاّ أن يدافعن عن دينهن وأعراضهن وأنفسهن.
والخلاصة أنه ليس في جهاد النساء المأثور إباحة امتزاج الرجال بالنساء أو اجتماعهم متداخلين في ميدان واحد، بل لا يُتصور وجود النساء أو غيرهن من أجل المداواة والإسعاف وسط ميدان المعركة الذي يختلط فيه الحابل بالنابل وتتطاير فيه الرؤوس، وقد عُلم أنَّ لِمَنْ يشتغل بالإسعاف والمداوة أماكن خاصة منعزلة يخلى إليها الجرحى أو المرضى. ومعلوم أن ما أباحتة الضرورة يقدر بقدره ومن ذلك مباشرة المرأة علاج الجريح المثخن والمريض المقعد وفقًا لشرطه، ومنه أيضًا التحامها بالرجال للذَّوْد عن عرضها وحماية نفسها.
هذا مع أن الحال في موطن الجهاد بعيدة عن الظِنَّةِ، فأنى لمن طُنَّت قدمه أو فُتَّ عضده أن يلتفت يمنة أو يسرة، وهل يُظن بمَنْ تُعايِن أمثال هؤلاء، ومن يشارفون على الهَلَكَة كل حين، بل لاتدري إلى أيِّ شيء يصير أمرها إذا انجلى غبار المعركة، هل يُظن أنّ هذه كغيرها؟ فكيف إذا كُنَّ نساء الصحابة ورجالاتها؟ فكيف يقال بجواز الاختلاط بعد ذلك في مواطن الرِيَبِ وأسباب الفتن. بل كيف يقال بجواز مشاركتهن