للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حَتَّى تَمُرّ بِكُمَا زَيْنَب): أَيْ مَعَ مَنْ يَصْحَبُهَا. (حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا): أَيْ إِلَى الْمَدِينَة.

وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز خُرُوج الْمَرْأَة الشَّابَّة الْبَالِغَة مَعَ غَيْر ذِي مَحْرَم لِضَرُورَةٍ دَاعِيَة لَا سَبِيل لَهَا إِلَّا إِلَى ذَلِكَ. كَذَا فِي الشَّرْح (١)» اهـ.

فهذا من سفر الهجرة.

وقال الإمام النووي - رحمه الله - في شرحه لباب (سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمٍ إِلَى حَجٍّ وَغَيْرِهِ) من صحيح مسلم: «قَالَ الْقَاضِي (أي القاضي عياض - رحمه الله -): «وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُج فِي غَيْر الْحَجّ وَالْعُمْرَة إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَم إِلَّا الْهِجْرَة مِنْ دَار الْحَرْب، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُهَاجِر مِنْهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَم، وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ إِقَامَتهَا فِي دَار الْكُفْر حَرَام إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ إِظْهَار الدِّين، وَتَخْشَى عَلَى دِينهَا وَنَفْسهَا» (٢).

والقاعدة الشرعية: (الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ) فمتى ما وجدت الضرورة جاز فعل المحظور، وإذا كانت الضرورة تبيح المحَرَّم قطعيًّا كأكل الميتة بنص الكتاب، فما كان تحريمه تحريم وسيلة أولى، فمنع المرأة من سفرها بدون محرم ليس كتحريم شرب الخمر والميتة والزنا، بل هو كتحريم النظر إلى المرأة الأجنبية، فكما أنه يجوز النظر إلى الأجنبية في الشهادة والتطبب بشرطه، جاز السفر للهجرة بالإجماع، ويبقى النظر في الضرورة.

٣ - ذكر الامام الطحاوى فى (مشكل الآثار) أن زيدَ بنَ حارثة كان أخاها بالتّبَنّى (قبل تحريم التَّبَنّى) ولذا فقد كان محرمًا لها وقتئذ؛ فهنا لا إشكال.

قال - رحمه الله -: « ... عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَمَّا قَدِمَ


(١) قوله (كذا في الشرح) أي (غاية المقصود في حل سنن أبي داوود) لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي الهندي.
(٢) شرح صحيح مسلم (٩/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>