إن احتجاب النساء عن الرجال الأجانب ظل هو الأصل حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وبدايات القرن العشرين الميلادي عندما بدأ بعض المغرورين ينخدع بحركة ما يسمى (تحرير المرأة).
وإذا قرأت ما سطره علماء الحملة الفرنسية الصليبية على مصر، من وصف للمجتمع المصري في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وبداية القرن التاسع عشر، وجدت أن ستر الوجه عند الخروج من المنزل، وعدم الاختلاط حتى داخل البيوت كان هو الأصل عند حكام البلاد وعامة الشعب.
ومما قالوه:«النساء في كل الظروف لا يخرجن مطلقًا سافرات الوجوه، بل يغطين وجوههن بالبرقع ... ولا يدخل الرجال مطلقًا ـ فيما عدا بعض الأهل الأقربين ـ إلى مسكن السيدات ... ولم يستطع الرحالة السابقون على الغزو أن يتعرفوا على أحوال سيدات الطبقة المسيطرة، وذهبت أدراج الرياح كل توسلاتهم اللحوح؛ فلم يكن عظماء مصر ليسمحوا لأحد بأن يتطلع إلى جمال زوجاتهم»(١).
فإذا كان هذا حال المسلمين في تلك القرون فما ظنك بالقرن الثاني الهجري الذي عاش فيه الإمام مالك في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
ثانيًا: غاية ما يفهم من كلام الإمام مالك - رحمه الله - إجازة الإمام مالك أن تأكل مع الأقارب أو الأرحام أو الأصهار ونحوهم بحضرة محارمها وهي متحجبة، فهل يوجد مَحْرَم في الأماكن المختلطة في العمل والدراسة.
ثالثًا: إن كان دعاة الاختلاط يستدلون لدعواهم بفهمهم السقيم لكلام الإمام
(١) وصف مصر (١/ ٦٤ - ٦٥) تأليف ج دي شابرول، ترجمة زهير الشايب.