للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك - رحمه الله - فقد ورد عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ما يخالف ذلك، فقد قال العلامة السفاريني الحنبلي: «النَّظَرُ يَنْقَسِمُ إلَى أَقْسَامٍ، مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ وَهُوَ جُلُّ الْمَقْصُودِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، كَالنَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ تُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رضي الله عنه -.قَالَ - رضي الله عنه -: «لَا يَأْكُلُ مَعَ مُطَلَّقَتِهِ، هُوَ أَجْنَبِيٌّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا فَكَيْفَ يَأْكُلُ مَعَهَا يَنْظُرُ إلَى كَفِّهَا، لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ» (١).

وقد تعلَّم المسلمون من الإمام مالك - رحمه الله - قوله: «إنما أنا بشر أخطيء وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه» (٢).

وقد رَدَّ الفقيه المالكي القرطبي الإمام الحافظ ابن عبد البر (٣) على الإمام مالك قوله، فقال في شرحه (للموطأ) (٤) تعليقًا على قول الإمام مالك السابق:

«في كتاب الله تعالى شفاء من هذا المعنى؛ قال الله - عز وجل -: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (النور:٣١)، كما قال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (النور:٣٠).وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مِنْهَا بِذِي مَحْرَم (٥) وَلَا تُسًافِر امْرَأَةٌ


(١) غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، للشيخ محمد السفاريني الحنبلي (١/ ٩٧).
(٢) راجع أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها في (صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للشيخ الألباني، ص٢١ - ٢٩).
(٣) هو الحافظ جمال الدين أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري الأديب الفقيه المالكي الشهير بابن عبد البر القرطبي، ولد سنة ٣٦٨، وتوفي بشاطبة سنة ٤٦٣، من تصانيفه: آداب العلم. الأجوبة المرعبة على المسائل المستغربة من صحيح البخاري.
(٤) المسمى: الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والاختصار.
(٥) لم أجده بهذا اللفظ، ولكن رواه البخاري بلفظ: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِى مَحْرَمٍ» ورواه مسلم بلفظ: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>