للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تفسير حديث جرير أنه أمره أن يصرف بصره عن النظرة الثانية لأن النظرة الأولى غُلِبَ عليها بالفجاءة.

ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته، وزمنه خير من زمننا هذا (١).

وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذاتِ مَحْرَم نظر شهوة يرددها.

وقال عاصم الأحول: «قلت للشعبي الرجل ينظر إلى المرأة لا يرى منها مُحَرّمًا؟».

قال: «ليس لك أن تتبعها بعينك» (٢).

قال أبو عمر (الإمام ابن عبد البر): «فأين المجالسة والمؤاكلة من هذا؟!!».

قد جاءت رخصة في المملوك الوغد (٣) وفي معاني من هذا الباب تركت ذكرها لأني لم أرَ من الصواب إلا أن يكون المملوك من غير أولى الإربة فيكون حكمه حكم الأطفال الذين لا يفطنون لعورات النساء وكم من المماليك الأوغاد أتى منهم الفساد» (٤).

فالإمام ابن عبد البر بعد أن بَيَّنَ نَهْيَ الإسلام عن الخلوة وأمْرَهُ بغض البصر قال: «فأين المجالسة والمؤاكلة من هذا؟!!»، أي فإذا كان النظر فقط محرمًّا، فكيف بالجلوس مع النساء والأكل معهن، واشترط أن يكون المملوك من غير أولى الإربة، وهم ممن لا حاجة لهم إلى النساء؛ حتى لا يحصل الفساد.


(١) وزمن الإمام ابن عبد البر خير بكثير من زمننا هذا.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) برقم ١٧٢١٦.
(٣) الوَغْدُ: الخفِيف الأَحمقُ الضعيفُ العقْلِ الرذلُ الدنيءُ وقيل الضعيف في بدنه، والوَغْدُ الصبيّ. (انظر: لسان العرب، مادة وغد).
(٤) الاستذكار (٨/ ٣٨٧ - ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>