للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعذبها ماء، وأطيبها هواء وحيواناً ونباتاً، وهو أوسط الأقاليم، وخير الأمور أوسطها " (١).

وقال الرازي (٢): "الأندلس بلد كريم البقعة، طيِّب التربة، خصب الخباب، مُنْبَجِس بالأنهار الغزار والعيون العِذاب، قليل الهوامّ ذات السُّموم، معتدل الهواء والجوّ النسيم، ربيعه وخريفه وَشْتَاه ومصيفه على قدر من الاعتدال، وسِطَةٍ من الحال، لا يتولّد في أحدها فَضْل يتولّد منه فيما يتلوه انتقاص، تتّصل فواكهه أكثر الأزمنة، وتَدوم متلاحقة غير مفقودة. أمّا السّواحل منه ونواحيه فيبادر بباكورة، وأمّا الثغر وجهاته والجبال المخصوصة ببرد الهواء، فيتأخّر بالكثير من ثمره، فمادة الخيرات بالبلد متمادية في كلّ الأحيان، وفواكهه على الجملة غير معدومة في كلّ أوان .. " (٣).

ووصف المناخ من المؤلِّفين الأندلسيين القدامى، لا يقتصر على وصف المناخ حسب، بل يشمل المنتوجات الزراعية والحيوانية أيضاً، فهو من هذه الناحية مفيد للغاية في بحث الموارد الإقتصادية للأندلس، وعلى كلّ حال فالعلاقة وثيقة بين المناخ والموارد الإقتصادية للبلد الواحد كما هو معروف.

إنّ جو الأقاليم الوسطى من الأندلس، هدف لشدة القيظ في فصل الصّيف، وكثرة البرد في الشتاء، وذلك لبعدها عن المحيط الأطلسيّ، وقلة تأثيره فيها، وقلّما تنزل فيها الأمطار (٤). ولكن الأقاليم الشمالية باردة، لأنّها جبلية، وتصلح أن تكون مصايف متميِّزة صيفاً لطيب هوائها وغزارة مياهها. أما الأقاليم الساحلية، فمناخها هو مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط اعتدالاً في هوائها وفصولها السنوية الأربعة، وهي مصايف جيدة لطيب جوِّها


(١) نفح الطيب (١/ ١٢٦).
(٢) أحمد بن محمد الرازي: من كبار المؤرخين والجغرافيين الأندلسيين في ظل حكم بني أُميّة في الأندلس، وهو جدّ الرازي الذي يعتمده ابن حيّان في المقتبس، أنظر جذوة المقتبس (٩٧).
(٣) نفح الطيب (١/ ١٢٩ - ١٣٠).
(٤) الجغرافية العمومية (٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>