للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخ كبير، له ماضٍ ناصع مجيد في خدمة العرب والمسلمين. وأرى أن من المستبعد أن يعاقب سليمان تابعياً جليلاً هو موسى بن نصير، ويعاقب مَن معه من أمثال طارق بن زياد، لأنهما أسسا ملكاً وقضيا حياتهما مجاهِدَين في سبيل الله، لمجرّد قالة ظالمة أو وشاية كاذبة. وحتى مقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير، لم يكن لسليمان يد فيها، لأن سليمان غضب لمقتل عبد العزيز، وأرسل إلى الأندلس عاملاً من قبله للتحقيق في مقتل عبد العزيز، والقبض على قتلته، وإرسالهم إليه (١).

لقد كان موقف سليمان من موسى ومَن معه سليماً، وحقائق التاريخ تعلو دائماً على المبالغات المدسوسة عن قصد أو عن غير قصد.

ولكن، لماذا عزل الوليد بن عبد الملك موسى عن إفريقية والأندلس، وأقرّ سليمان هذا العزل؟.

لماذا استدعى الوليد موسى وطارقاً من ساحات القتال على عجل، ولم يمهلهما حتى يحققا كل أهدافهما في الفتح؟. (٢)

[ب - أسباب استدعاء موسى وطارق:]

كان للخلفاء أساليب خاصة، لمعرفة تفاصيل أعمال ولاتهم وقادتهم وتصرفاتهم، للاطمئنان إلى أنّ أولئك القادة والولاة، لا يخرجون عن الخطة التي رسمها لهم الخليفة، وليحول الخلفاء - جهد الإمكان - دون خروج


(١) أنظر تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس (١٠٦ - ١٠٧)، وفي أخبار مجموعة (٢٢): "ولما بلغ سليمان مقتل عبد العزيز بن موسى، شقّ ذلك عليه، فولّى إفريقيّة عبيد الله بن يزيد .... وأمره سليمان فيما فعله حبيب بن أبي عبيدة وزياد بن النابغة من قتل عبد العزيز، بأن يتشدّد في ذلك، وأن يقفلهما إليه ومَن شاركهما في قتله من وجوه النّاس ... ".
(٢) قادة فتح المغرب العربي (١/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>