للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسألت أحد علماء الزراعة عن المنّ، فذكر لي أنّ نوعاً من الحشرات تفرزه على أوراق الأشجار، وعلى الصخور أيضاً، فمنه ما يُصنّع ويُؤكل، ومنه ما يُصَنّع ليكون من الأصباغ، فلا ينزل المنّ من السّماء، بل يفرز من بعض أنواع الحشرات، وتبقى الحقيقة في أنّ هذا المنّ الأندلسي صبغ قرمزي، ويبقى مكانه مع الأصباغ المعدنية التي ذكرناها.

إنّ الأندلس غنيّة بالأحجار والمعادن، وتعتبر من أغنى الأقطار في أحجارها ومعادنها.

٤ - المصنوعات الأندلسيّة والتّصدير:

أ - اختصّت المريّة ومالَقَة ومُرْسِية بالوشي المذهّب الذي يتعجب من صنعه أهل المشرق إذا رأوا منه شيئاً.

وفي تَنْتالة من عمل مُرْسِية تُعمل البُسُط التي يغالى في ثمنها بالمشرق. ويُصنع في غرناطة وبَسْطَة من ثياب اللباس المحرّرة، الصّنف الذي يُعرف بالمُلَبَّد (١) المختم بالألوان العجيبة.

ويُصنع في مُرْسِية من الأَسِرّة المرصّعة والحُصُر الفتّانة الصّنعة وآلات الصُّفر والحديد من السكاكين والأمقاص المذهّبة، وغير ذلك من آلات العروس والجنديّ ما يَبْهر العقل، ومنها تجهّز هذه الأصناف إلى بلاد إفريقيّة وغيرها. ويُصنع بها وبالمريّة ومالقة الزجاج الغريب العجيب وفخّار مُزَجّج مذهّب. ويُصنع بالأندلس نوع من المفصّص المعروف في المشرق بالفُسَيْفِساء، ونوع يبسط به قاعات ديارهم يعرف بالزُّلَيْجِيّ (٢) يشبه


(١) الملبّد: التّلبيد ( Milling) بالحمض ( Acid) ، إحدى عمليات تجهيز المنسوجات الصوفية، وفيه يعالج النّسيج في وسط حامضي فيلبّد، كعملية تلبيد القبّعات والطرابيش وبعض أنواع المنسوجات الصوفية كالجوخ، فيكون هذا النسيج مُكبَّداً، أنظر الصحاح في اللغة والعلوم (٢/ ٤٢٩ - ٤٣٠).
(٢) الزليجي: هو ما يسمى بالإسبانية: ( Azoulejo) وهو نوع من الآجر مدهون بدهان ملوّن كالقاشاني، بالأبيض والأسود والأزرق والأصفر والأخضر، وما يركّب من هذه =

<<  <  ج: ص:  >  >>